للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لا يأكلُ لحماً فأكلَ كبداً أو كرشاً أو لحمَ خنْزيرٍ أو إنسان، والغداءُ الأكلُ من طلوعِ الفجرِ إلى الظُّهر، والعشاءُ منه إلى نصفِ اللَّيل

وقد قال في «المغرب»: البُسْر المُذنِّب: وقد ذَنَّبَ إذا بدأ له الإرطابُ من قبلِ ذَنَبِه، وهو ما سَفِلَ من جانبِ المِقْمَعِ (١) والعِلَاقة (٢).

ولا شكَّ أنَّ الإرطابَ ليس إلاَّ من جانبٍ واحد، وهو الذي ليس عليه القِمَع والعِلاقة، فهذا الجانبُ هو الذَّنب، إذا عرفتَ هذا فكيفَ يصحُّ ما قال في «الهداية»: إنَّ الرُّطبَ المُذنِّب ما يكون في ذنبِهِ قليلُ بسر، والبسرُ المُذنِّبُ على العكس (٣): أي ما في ذنبِهِ قليلُ رطب.

فأقول: أصنافُ التَّمر التي رأيناها من تمرِ بغدادَ وفارسَ وكَرمانَ (٤) يبدأُ إرطابُها من الجانبِ الذي ليس عليه القِمَع، ففي غيرِ هذه البلادِ إن كان ابتداءُ الإرطاب من طرفِ القِمَع، فما قال صاحب «الهداية» يكون صحيحاً.

وإن لم يكنْ الإرطاب من جانبِ القمع، فوجْهُ صحَّتِهِ أنَّ الرُّطبَ المُذنِّبَ ما يكون أكثرُهُ رطباً، والبُسْرُ المُذَنِّبُ ما يكون أكثرُهُ بُسْراً، ثُمَّ لمَّا كان البُسْرُ من طرفِ القِمَعِ فرأسُ البُسْرِ ما يلي القِمَع، وذنبُهُ الطَّرفُ الآخر، ولمَّا كان الرُّطَبُ هو الطَّرف الآخر، فرأسُ الرَّطبِ طرفُهُ الجار، وذنبُهُ طرفُ القِمَع، فهذا وجهُ صحَّتِه.

(أو لا يأكلُ لحماً فأكلَ كبداً أو كرشاً أو لحمَ خنْزيرٍ أو إنسان): قيل: لا يحنثُ بأكلِ الكبدِ والكرشِ في عرفِنا (٥)؛ لأنَّهما في عرفِنا لم يعدَّا لحماً، وأمَّا لحمُ الخنْزير والإنسانِ فهما لحمٌ حقيقةً فيحنثُ بهما.

(والغداءُ الأكلُ من طلوعِ الفجرِ إلى الظُّهر، والعشاءُ منه إلى نصفِ اللَّيل (٦)،


(١) وقع في النسخ: القمع، والمثبت من «المغرب». وقِمَعُ البُسْرة: ما يلتزق بها حول عِلاقتها. ينظر: «المغرب» (ص ٣٩٤).
(٢) انتهى من «المغرب» (ص ١٧٨).
(٣) انتهى من «الهداية» (٢: ٨٠).
(٤) كَرْمان: بفتح الكاف، وقيل: بالكسر، والفتح هو الصحيح، ولاية كبيرة تحتوي على عدة بلاد وقرى ومدن واسعة، بين فارس ومكران وسجستان وخراسان، وهي بلاد كثيرة النخل والزرع والمواشي والضرع تشبه بالبصرة في كثرة التمور وجودتها وسعة الخيرات. ينظر: «معجم البلدان» (٤: ٤٥٤). «الجواهر» (٤: ٢٩٧). «الفوائد» (ص ١٥٧).
(٥) وفي «الشرنبلالية» (١: ٥١): هو الصحيح كما في «البرهان».
(٦) وفي عرف مصر والشام ما يؤكل من طلوع الشمس إلى ارتفاع الضحى يسمّى فطوراً، والعشاءُ ما بعد صلاة العصر، فيعمل بعرفهم. ينظر: «الدر المختار» (٣: ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>