للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ليصعدَنَّ السَّماء، أو ليقلبنَّ هذا الحجرَّ ذهباً، أو ليقتلنَّ فلاناً عالماً بموتِهِ انعقدَ اليمينُ لتصوَّرِ البِرّ، وحنثَ للعجز، وإن لم يعلمْهُ فلا، ومدُّ شعرِها، وخنقُها، وعضُها، كضربِها

في الكوزِ ماءٌ عندهما خلافاً لأبى يوسف - رضي الله عنه -، وإن كان فصُبَّ يحنثُ إجماعاً؛ وذلك لأنَّه إذا لم يكن في الكوزِ ماء، فالبِرُّ غيرُ ممكنٍ سواءٌ ذكرَ اليوم أو لا، وإن كان فيه ماءٌ فإن ذكرَ اليوم فالبِرُّ إنِّما يجبُ عليه في الجزءِ الأخير من اليوم، فإذا صُبَّ لم يكن البِرُّ متصوَّراً.

وإن لم يذكرْ اليوم فالبِرُّ إنِّما يجبُ عليه إذا فرغَ من التَّكلُّم، لكن موسعاً بشرطِ أن لا يفوتَهُ في مدَّةِ عُمْرِه، والبِرُّ متصوَّرٌ عند الفراغِ من التَّكلُّم فانعقد اليمين، وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه - يحنثُ في الكلّ، ففي المؤقّتِ بعد مضيِّ الوقت، وفي غيرِ المؤقّتِ يحنثُ في الحال.

(وفي ليصعدَنَّ السَّماء، أو ليقلبنَّ هذا الحجرَّ ذهباً، أو ليقتلنَّ فلاناً عالماً بموتِهِ انعقدَ اليمينُ (١) لتصوَّرِ البِرّ، وحنثَ للعجز، وإن لم يعلمْهُ فلا) (٢)، وفيه خلافِ زُفر - رضي الله عنه -، فعنده لا ينعقدُ اليمين؛ لكون البِرِّ مستحيلاًعادة.

قلنا: هذه الأمورُ ممكنةٌ في ذاتِها، فيكفي هذا لإنعقادِ اليمين، ويحنثُ في الحالِ بلا توقُّفٍ إلى زمانِ الموتِ للعجزِ عادة.

وإنِّما قلنا عالماً بموتِه؛ لأنَّه حينئذٍ يرادُ قتلُهُ بعد إحياءِ اللهِ تعالى، وهو ممكنٌ غيرُ واقع، فينعقدُ اليمين، ويحنثُ في الحال.

أمّا إذا لم يكنْ عالماً بموتِه، فالمرادُ القتلُ المتعارف، ولمَّا كان ميْتاً كان القتلُ المتعارفُ ممتنعاً، فصارَ كمسألةِ الكوز.

(ومدُّ شعرِها، وخنقُها، وعضُها، كضربِها (٣).


(١) زيادة من أ و ب و س و م.
(٢) أما إذا وقّت فقال: لأصعدنَّ غداً لم يحنث حتى بمضيِّ ذلك الوقت، حتى لو مات قبله لا كفّارة عليه إذ لا حنث. ينظر: «الفتح» (٥: ١٤١).
(٣) أي لو حلف لا يضربها ففعل بها هذه الأشياء يحنث؛ لأن الضرب اسم لفعل مؤلم وقد تحقق. ينظر: «التبيين» (٣: ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>