للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءا مسلمينِ قضي بينَهما بالدَّين لا الغصب، فإن قتلَ مسلمٌ مستأمنٌ مثلَهُ ثَمَّةَ عمداً، أو خطأ، وُدِي من مالِه، وكفَّرَ للخطأ، وفي الأسيرينِ كفَّرَ فقط في الخطأ، ولا يُمَكَّنُ حربيُّ هنا سنة، وقيل له: إن أقمت هنا سنةً أو شهراً، نضعُ عليك الجزية، فإن رجعَ قبل ذلك، وإلاَّ فهو ذميٌّ لا يُتْرَكُ أن يرجع

جاءا مسلمينِ قضي بينَهما بالدَّين لا الغصب)؛ لأنَّ الإدانةَ وقعَتْ صحيحةً لتراضِيهما بخلافِ الغصب؛ لأنَّه لا تراضي ولا عصمة.

(فإن قتلَ مسلمٌ مستأمنٌ مثلَهُ (١) ثَمَّةَ عمداً، أو خطأ، وُدِي من مالِه (٢)، وكفَّرَ للخطأ)؛ لأنَّه لم يجبِ القصاصِ وقتَ القتل؛ لتعذُّرِ الاستيفاء؛ لأنَّه بالمنعة (٣)، فتجبُ الدِّيةُ؛ لوجود العصمةِ (٤) في ماله لا على العاقلة، إذ الوجوبُ عليهم باعتبارِ النُّصرة والتقصيرِ في الصِّيانة الواجبةِ عليهم، وقد سقطَ ذلك بتباينِ الدَّارين.

(وفي الأسيرينِ (٥) كفَّرَ فقط في الخطأ): أي لا يجبُ شيءٌ إلاَّ الكفارةَ في الخطأ عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -، وعندهما: تجبُ الدِّيةُ في العمدِ والخطأ؛ لأنَّ العصمةَ لا تبطلُ بالأسر، كما لا تبطلُ بالاستئمان.

وله: أن الأسيرَ صارَ تبعاً لهم بقهرِهم إيِّاه، فيبطلُ الإحراز، فسقطَ العصمةُ المقوَّمة، وهي ما يوجبُ المال عند التَّعرّض، فلم تجبِ الدِّيةُ لا في العمد، ولا في الخطأ، لكنَّ العصمةَ المؤثَّمة، وهي ما يوجبُ الإثمَ عند التَّعرُّضِ باقية، فتجبُ الكفّارةُ في الخطأ.

(ولا يُمَكَّنُ حربيُّ هنا (٦) سنة، وقيل له: إن أقمت هنا سنةً أو شهراً (٧)، نضعُ عليك الجزية، فإن رجعَ قبل ذلك): جزاءُ الشَّرطِ محذوف: أي فبها، أو نحوه، (وإلاَّ فهو ذميٌّ لا يُتْرَكُ أن يرجع): أي إن لم يرجعْ قبل المدَّةِ المضروبة، فهو ذميّ.


(١) أي مسلماً مستأمناً في دار الحرب.
(٢) أي يعطي الدية من ماله في العمد والخطأ. ينظر: «الدرر» (١: ٢٩٣).
(٣) ولا منعة بدون جماعة المسلمين والإمام، ولم يوجد ذلك في دار الحرب. ينظر: «الهداية» (١: ١٥٣)
(٤) أي العصمة الثابتة بالاحراز بدارنا لم تبطل بعارض الاستئمان. ينظر: «الدرر» (١: ٢٩٣).
(٥) أي إذا قتل أحد أسيرين مسلمين صاحبه في دار الحراب مطلقاً سواء كان عمداً او خطأً، فإنه لا يجب شيءٌ إلا الكفارة في الخطأ. ينظر: «شرح ملا مسكين» (ص ١٧١).
(٦) أي في دار الإسلام.
(٧) ذكره الشهر لينبِّه على أن ذكر السنة في «البداية» (ص ١٠٢) وغيرها اتفاقي؛ لأن للإمام أن يقدر بالشهر والشهرين ولا يجوز أن يزيد عن السنة. ينظر: «الرمز» (١: ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>