للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويخرجُ عن ملكِ البائعِ مع خيارِ المشتري، فهُلْكُهُ في يدِهِ بالثَّمنِ كتَعْيُّبِه، ولا يملِكُهُ المُشْتَري، فشراءُ عرسِهِ بالخِيارِ لا يفسِدُ نكاحَهُ، وإن وَطِئَها رَدَّها؛ لأنَّهُ بالنِّكَاح إلاَّ في البِكْرِ

القيمةُ؛ لأنّه مقبوضٌ على سومِ الشِّراء، وهو مضمونٌ بالقيمة (١).

(ويخرجُ عن ملكِ البائعِ مع خيارِ المشتري، فهُلْكُهُ في يدِهِ بالثَّمنِ كتَعْيُّبِه) (٢): أي إذا كان الخِيارُ للمُشْتَرِي وقبضَهُ المشتري فهَلَكَ أو تَعَيَّبَ في يدِهِ يَجِبُ الثَّمَنُ، (ولا يملِكُهُ المُشْتَري): أي إذا كان الخِيارُ للمُشْتَري لا يَمْلِكُهُ المُشْتَري عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - خلافاً لهما (٣)، وثمرَةُ الخلافِ تظهرُ في هذه المسائل، وهي قولُه:

(فشراءُ عرسِهِ (٤) بالخِيارِ لا يفسِدُ نكاحَهُ): عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - لعدمِ الملكِ وعندهما يُفْسِدُه، (وإن وَطِئَها رَدَّها؛ لأنَّهُ بالنِّكَاح إلاَّ في البِكْرِ): أَيْ إن وَطِئَها المُشْتَرِي في أَيَّام الخِيارِ يَمْلِكُ رَدَّها عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -؛ لأنَّ الوَطْءَ بالنِّكاحِ فلا تكونُ إجازةً إلا أَن تكونَ بكراً؛ لأَنَّهُ نَقَصَها بالوطءِ فلا يَمْلِكُ الرَّدّ، وعندهما لا يملِكُ الرَّدُ وإن كانت ثيباً؛ لأنَّ المُشْتَرِي قد مَلَكَها ففسدَ النِّكاح، فالوَطءُ يكونُ بملكِ اليمينِ فيكونُ إجازةً متصلةً.


(١) أي إذا لم يكن مثليّاً، فإن كان مثليّاً فعليه المثل، ثمّ إنّ المقبوضَ على سومِ الشِّراءِ إنّما يكون مضموناً إذا كان الثمنُ مسمّى حتى إذا قال: اذهبْ بهذا الثوب، رضيتُه اشتريتُه فذهبَ به فهلك، لا يضمن، ولو قال: إن رضيته اشتريته بعشرة، فذهبَ به فهلكَ ضمنَ قيمته، وعليه الفتوى. ينظر: «الكفاية» (٥: ٥٠٤).
(٢) أي كما إذا دخلَهُ عيبٌ لا يرتفعُ كقطعِ اليد، وإن كان يرتفعُ كالمرضِ فهو على خياره، فإن ارتفعَ في المدّة لا يلزم، وإلاَّ يلزم. ينظر: «رمز الحقائق» (٢: ٩).
(٣) لأنّه لو يملكهُ لكان خارجاً عن ملكِ البائعِ لا إلى مالك، ولم يُعْرَفْ هذا في الشّرع. ولأبي حنيفةَ - رضي الله عنه -: إنَّ الثمنَ لم يخرج عن ملكِ المشتري؛ لأنّ الخيارَ يعملُ في حقِّ مَن هو له، فلو دخل المبيع في ملكه دخل بلا عوض، واجتمعَ في ملكِهِ العوض ومعوّضه، ولم يُعْرَفْ هذا في الشرع، وقد عرفَ الخروجُ عن ملكِ شخص لا إلى مالك في مسائلَ:
منها: إذا اشترى متولّي أمرِ الكعبةِ عبداً لخدمتها؛ فإنّه يخرجُ عن ملكِ مالكه، ولا يدخلُ في ملك أحد. ومنها: مالُ التّركةِ إذا استغرقَه الدَّين، فإنّه يخرجُ عن ملك الميِّت، ولا يدخلُ في ملكِ الورثةِ ولا الغرماء.
ومنها: الوقف. ينظر: «كمال الدراية» (ق ٣٧٢).
(٤) العِرْسُ: بالكسر: امرأة الرجل، والجمع أعراس. «مختار» (ص ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>