للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشُرِطَ رؤيةُ داخلِ الدَّارِ اليوم، وبيعُ الأعمى وشراؤُهُ صحَّ، وله الخيارُ مشترياً، ويسقطُ بجسِّهِ المبيع، وشمِّه، وذوقِه، وبوصفِ العقارِ، ومَن رأى أحدَ الثَّوبين ثمَّ شراهما، ثُمَّ رأى الآخرَ، فلهُ ردُّهُما لا رَدّ الآخرِ وحدَه، ومَن رأى شيئاً ثُمَّ شراهُ خُيِّرَ إن وجَدَهُ مُتَغَيِّراً وإلاَّ لا، والقولُ للبائعِ في عدمِ تَغَيُّرِهِ، وللمشتري في عدمِ رؤيتِه

الوَّكيلِ، وعندهما نظرُ الوكيلِ بالقَبْضِ غيرُ كافٍ؛ لأنَّهُ وَكَّلَهُ بالقَبْضِ لا بالنَّظر، ولأبي حنيفة- رضي الله عنه - أَنَّ القَبْضَ الكاملَ بالنَّظَرِ؛ لِيُعْلَمَ أَنَّ هذا هو الذي أمرَ بقبضِه.

(وشُرِطَ رؤيةُ داخلِ الدَّارِ اليوم): إنّما قال اليوم؛ لأنَّ الرِّوايةَ أَنَّهُ إذا رَأَى حِيطانَ الدَّارِ أو أشجارَ البستانِ من خارجٍ كان كافياً؛ وذلك لأنَّ دورَهم وبساتينَهم لم تكنْ متفاوتةً، فرؤيةُ الخارجِ كانت مغنيةً عن رؤيةِ الدَّاخل، أمَّا الآن فالتَّفاوتُ فاحشٌ فلا بدَّ من رؤيةِ الدَّاخل.

(وبيعُ الأعمى وشراؤُهُ صحَّ، وله الخيارُ مشترياً، ويسقطُ بجسِّهِ المبيع (١)، وشمِّه، وذوقِه): أَيْ بجسِّهِ فيما يدرك بالجسِّ، وبشمِّهِ فيما يدركُ بالشَّمِّ، وبالذَّوقِ فيما يدركُ بالذَّوق، (وبوصفِ العقارِ): ولا اعتبارَ لوقوفِهِ في مكانٍ لو كان بصيراً لرآهُ، كما هو قولُ أبي يوسفَ - رضي الله عنه -.

(ومَن رأى أحدَ الثَّوبين ثمَّ شراهما، ثُمَّ رأى الآخرَ، فلهُ ردُّهُما لا رَدّ الآخرِ وحدَه): لئلا يلزم تفريقُ الصَّفقةِ قبلَ التَّمام.

(ومَن رأى شيئاً ثُمَّ شراهُ خُيِّرَ إن وجَدَهُ مُتَغَيِّراً وإلاَّ لا (٢)، والقولُ للبائعِ في عدمِ تَغَيُّرِهِ، وللمشتري في عدمِ رؤيتِه): أي إذا اشترى شيئاً قد رآه (٣)، فقال البائع: إنَّهُ لم يتغيَّرْ حتى لا يكونَ لك الخِيارُ، فالقولُ للبائعِ مع حلفِه، ولو قال المشتري لم


(١) وهذا إذا كان قبل الشِّراء، وأمّا إذا كان بعده فإن خيارَهُ لا يسقطُ باتِّفاقِ الرِّواياتِ بل يمتدُّ إلى أن يوجدَ ما يدلُّ على الرِّضاءِ من قولٍ أو فعل على الصَّحيح. ينظر: «كمال الدراية» (ق ٣٨١)
(٢) أي لا يخير؛ لأن العلم بالمبيع قد حصل بالرؤية الأولى، وقد رضي به ما دام على تلك الصفة إلا إذا لم يعلم عند العقد أنه رآه من قبل فحينئذ يثبت له الخيار لعدم رضاه. ينظر: «رمز الحقائق» (٢: ١٤).
(٣) قاصداً لشرائه؛ وإنّما قيّدنا قاصداً لشرائه عند رؤيتِهِ؛ لأنّه لو رآه لا لقصدِ الشراءِ ثمَّ اشتراهُ فله الخيار؛ لأنّه إذا رأى لا لقصد الشراءِ لا يتأمّل كلَّ التأمّل فلم يقع معرفته. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>