للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجارتُها، ولا النَّحلُ إلاَّ مع الكُوّارة، ودودُ القَزِّ وبيضُه، والآبقُ إلاَّ ممَّن زعمَ أنَّه عندَه، ولَبَنُ امراةٍ في قَدَحٍ

إجارتُها): بيعُ المراعي: أي الكلأُ باطلٌ؛ لأنَّه غيرُ محرزٍ، وأمَّا إجارتُها؛ فلأنَّها إجارةٌ على استهلاكِ عينٍ (١).

(ولا النَّحلُ إلاَّ مع الكُوّارة)، الكُّوارة: بالضَّمِ والتَّشْدِيدِ: مَعْسَلُ النَّحلِ إذا سُوِّي من طينٍ، وهذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأبي يوسفَ - رضي الله عنه -، فينبغي أن يكونَ البيعُ باطلاً عندهما؛ لعدمِ المالِ المُتَقَوَّمِ، وعندَ مُحَمَّدٍ (٢) - رضي الله عنه - والشَّافِعِيِّ (٣) - رضي الله عنه - يجوزُ إذا كان محرزاً.

(ودودُ القَزِّ وبيضُه)، فعند أبي حنيفة - رضي الله عنه - بيعهما باطلٌ، وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه - يجوزُ إن ظَهَرَ القَزُّ تِبْعَاً، وإلا لا، وعند محمدٍ (٤) - رضي الله عنه - يجوزُ مطلقاً.

(والآبقُ إلاَّ ممَّن زعمَ أنَّه عندَه)، زَعَمَ: أي قال، فهذا بيعُ فاسدٌ؛ لوجودِ المالِ المُتَقوَّمِ إلاَّ أنَّهُ لا قُدرةَ على تسليمِهِ، فإذا قال المشتري: إنَّه عندي فحينئذٍ يجوزُ.

(ولَبَنُ امراةٍ في قَدَحٍ)، إنَّما قال في قَدَحٍ؛ لأنَّ بيعَ اللَّبنِ في الضِّرعِ قد ذُكِر (٥)، فلبنُ المرأةِ إنَّما يبطلُ بيعُهُ؛ لأنَّه من أجزاءِ الآدمي، فلا يكونُ مالاً، وفيه خلافُ الشَّافِعِيِّ (٦) - رضي الله عنه -. وعند أبي يوسفَ (٧) - رضي الله عنه - يجوزُ بيعُ لَبَنِ الأمةِ اعتباراً للجزءِ بالكلِّ. ولأبي حنيفة - رضي الله عنه - أنَّ الرِّقَ غيرُ نازلٍ في اللَّبَنِ، فهي فيه على أصلِ الآدمية.


(١) أي لأنّ الإجارةَ عقدت على استهلاكِ عينٍ غيرِ مملوك، ولو عقدتْ على استهلاكِ عينِ مملوكٍ؛ بأن استأجرَ بقرةً ليشربَ لبنَها لا يجوز، فهذا أَوْلَى. ينظر: «الهداية» (٣: ٤٤).
(٢) والفتوى على قول محمد - رضي الله عنه - كما في «الدر المختار» (٤: ١١١)، و «رمز الحقائق» (٢: ٢٥)، و «مجمع الأنهر» (٢: ٥٨)، و «الدر المنتقى» (٢: ٥٨)، وغيرها.
(٣) ينظر: «الغرر البهية» (٢: ٤٠٣)، و «حاشية ابن قاسم العبادي على تحفة المحتاج» (٤: ٢٤٢)، و «حاشيتا قليوبي وعميرة» (٢: ١٩٩)، وغيرها.
(٤) والفتوى على قول محمد - رضي الله عنه - كما في «الرمز» (٢: ٢٦)، و «مجمع الأنهر» (٢: ٥٨)، و «الدر المنتقى» (٢: ٥٨)، و «الملتقى» (ص ١٤٤)، وغيرها.
(٥) ٣: ٣٢).
(٦) ينظر: «الأشباه والنظائر» (ص ٢٤٦)، وغيره.
(٧) وهو المختار للفتوى كما في «مختار الفتاوى»، ينظر: «الفتاوى الهندية» (٣: ١٦٦)، قلت: لكنه ظاهر المتون وعليه الشروح أنها على قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>