للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورابحَ سيدٌ شرى من مأذونِهِ المحيط دينه برقبتِهِ على ما شَرَى بائِعُه، كمأذونٍ شرى من سيدِه، وربُّ المالِ على ما شراهُ ضاربَهُ بالنِّصفِ أوَّلاً، ونصفِ ما رَبِحَ بشرائِهِ ثانياً منه، فإن اعورَّتْ المبيعة، أو وُطِئَتْ ثَيْباً رابحَ بلا بيان

الرِّبحَ قد حصلَ به، فلا يكونُ منقطعَ الأحكامِ عن الأوَّل (١).

(ورابحَ سيدٌ شرى من مأذونِهِ المحيط دينه برقبتِهِ على ما شَرَى بائِعُه): أي اشترى العبدُ المأذونُ المحيطُ دينُه برقبتِهِ ثوباً بعشرةٍ، فباعَهُ من مولاه بخمسةَ عشر، فالمولى إن باعَهُ مرابحةً، يقول: قام عليّ بعشرة.

(كمأذونٍ شرى من سيدِه): أي إذا اشترى المولى بعشرةٍ، ثم باعَهُ من مأذونِهِ المحيط دينه برقبتِهِ بخمسةَ عشرَ، فالمأذونُ إن باعَهُ مرابحةً يقولُ قامَ عليَّ بعشرة؛ لأن بَيْعَ المولى من عبدِه المأذونِ وشراءَه منه اعتبرَ عدماً في حقِّ المرابحةِ لثبوتِهِ مع المنافي.

وإنِّما قال: المحيطُ دينُهُ برقبتِهِ؛ لأنَّه حينئذٍ يكونُ للعبدِ المأذون ملكٌ، أمَّا المأذونُ الذي لا دينَ عليه، فلا ملكَ له، فلا شبهةَ في أن البيعَ الثَّاني لا اعتبارَ له، أمَّا إذا كان عليه دينٌ محيطٌ فحينئذٍ يكونُ البيعُ الثَّاني بيعاً، ومع ذلك لا اعتبارَ له في حقِّ المرابحةِ فيثبتُ الحكمُ بالطِّريقِ الأُولَى فيما لا دينَ عليّ.

(وربُّ المالِ على ما شراهُ ضاربَهُ بالنِّصفِ أوَّلاً، ونصفِ ما رَبِحَ بشرائِهِ ثانياً منه): أي اشترى المضاربُ بالنِّصفِ ثوباً بعشرةٍ وباعَهُ من ربِّ المالِ بخمسةَ عشرَ، فالثُّوبُ قامَ على ربِّ المالِ باثني عشر ونصف (٢).

(فإن اعورَّتْ المبيعة، أو وُطِئَتْ ثَيْباً رابحَ بلا بيان): أي لا يَجِبُ عليه أن يقولَ إنِّي اشتريتُها سليمةً فاعورَّتْ في يدي، وعند أبي يوسف - رضي الله عنه - والشَّافِعِيُّ (٣) - رضي الله عنه - لزمَهُ بيانُ هذا؛ لأنَّهُ لا شكَّ أنَّهُ ينقصُ الثَّمنُ بالإعوِرارِ، وما قيل: إنّ الأوصافِ لا يُقابُلها شيءٌ من الثَّمنِ، فمعناهُ أنَّ الأوصافَ لا يكونُ لها حصةٌ معلومةٌ من الثَّمنِ لا أنَّ الثَّمَنَ لا يزيدُ


(١) أي أن شبهة حصول الربح الأول بالعقد الثاني ثابتة؛ لأنه يتأكد به بعدما كان على شرف الزوال بالظهور على عيب، والشبهة كالحقيقة في بيع المرابحة احتياطاً. ينظر: «التبيين» (٤: ٧٦).
(٢) لأن الربح إنما يحصل إذا بيع من الأجنبي ففيه شبهة العدم؛ لأن المضارب وكيل عن رب المال في البيع الأول من وجه فاعتبر البيع الثاني عدماً في حقّ نصب الربح. ينظر: «الدرر» (٢: ١٨٢).
(٣) ينظر: «التنبيه» (ص ٦٧)، و «المنهاج» (٢: ٧٩)، و «المحلي» (٢: ٢٧٦)، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>