للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن شَرَى كيليا كيلاً لم يبعْهُ ولم يأكلْهُ حتى يكيلَه، وشُرِطَ كيلُ البائعِ بعد بيعِهِ بحضرةِ المشتري، كفى به في الصَّحيح

عن بيعِ ما لم يُقْبَضُ» (١) مُعلَّلٌ بأنَّ فيه غَرَرَ انفساخِ العقد على تقديرِ الهلاكِ، والهلاكُ في العقارِ نادرٌ، وعند محمَّدٍ - رضي الله عنه - لا يجوزُ في العقارِ أيضاً عملاً بإطلاقِ النَّهْي.

(ومَن شَرَى كيليا كيلاً): أي بشرطِ الكيلِ، (لم يبعْهُ ولم يأكلْهُ حتى يكيلَهُ) (٢)، فإنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - «نَهَى عن بيعِ الطّعامِ حتى يجري فيه صاعانِ صاعُ البائعِ (٣)، وصاع المشتري» (٤).

(وشُرِطَ كيلُ البائعِ بعد بيعِهِ بحضرةِ المشتري) حتى إن كالَهُ البائعُ قبل البيعِ فلا اعتبارَ له وإن كالَ البائعُ بحضرةِ المشتري، وكذا إن كالَهُ بعد البيعِ بغيبةِ المشتري، (كفى به في الصَّحيح) (٥): أي إن كالَ البائعُ بعد البيعِ بحضرةِ المشتري فهذا كاف، ولا يشترطُ أن يكيلَ المشتري بعد ذلك، ومحملُ الحديثِ المذكورِ ما إذا اجتمعَ الصَّفقتان بشرطِ الكيلِ على ما سيأتي في «باب السلم»، وهو ما إذا أسلمَ في كرٍّ بُرٍّ فلمَّا حلَّ الأجلُ اشترى المُسَلَّمُ إليه من رجلٍ كُرَّاً، أو أَمَرَ ربَّ السَّلمِ أن يقبضَهُ له، ثم يقبضُهُ لنفسِهِ، فاكتالَهُ له، ثُمَّ اكتالَهُ لنفسِهِ جاز.


(١) من حديث حزام بن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: «قلت يا رسول الله إني رجل أشتري المتاع فما الذي يحل لي منها وما يحرم عليّ؟ فقال: يا ابن أخي إذا ابتعت بيعاً فلا تبعه حتى تقبضه» في «صحيح ابن حبان» (١١: ٣٥٨،٣٦١) واللفظ له، و «سنن النسائي» (٤: ٣٧)، و «المجتبى» (٧: ٢٨٦)، و «المنتقى» (١: ١٥٤)، و «مصنف ابن أبي شيبة» (٤: ٣٨٧)، و «مصنف عبد الرزاق» (٨: ٤٣)، وغيرها.
(٢) ومثله الموزون بشرط الوزن والعد؛ لاحتمال الزيادة وهي للبائع بخلاف المجازفة غير الدراهم والدنانير لجواز التصرف فيهما بعد القبض قبل الوزن. ينظر: «الدر المختار» (٤: ١٦٤).
(٣) أرادَ بصاعِ البائعِ صاعه لنفسه حين يشتريه، وبصاعِ المشتري صاعَه لنفسِهِ حين يبيعَه؛ لإجماعهم على أنَّ البيعَ الواحدِ لا يحتاجُ إلى الكيلِ مرَّتين. كذا في «البناية» (٦: ٥١١).
(٤) من حديث جابر وأبي هريرة وأنس وابن عباس - رضي الله عنهم - في «سنن ابن ماجه» (٢: ٧٥٠)، و «سنن البيهقي الكبير» (٥: ٣١٥)، قال البيهقي: روي موصولاً من أوجه إذا ضمَّ بعضُها إلى بعضٍ قوي مع ما ثبت عن ابن عمر - رضي الله عنه - وابن عباس - رضي الله عنه -، وينظر: «المصباح» (٣: ٢٤)، و «التلخيص» (٣: ٢٧)، و «نصب الراية» (٤: ٣٤)، وغيرها.
(٥) ردٌّ لما قيل: شرطَ كيلان، كيلُ البائعِ بعد العقدِ بحضرة المشتري، وكيلُ المشتري قبلَ التصرُّفِ فيه، ولا يكتفى بكيلِ البائعِ فقط؛ لظاهرِ الحديث، فإنّه اعتبرَ صاعين. ينظر: «الزبدة» (٣: ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>