للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشَّعيرُ، والبُرُّ، والتَّمرُ، والملحُ كيليٌّ، والذَّهبُ، والفضةُ وزنيٌّ أبداً، وإن تُرِكا فيها ويحمل في غيرِها على العُرْف، فلم يَجُزْ بيعُ البُرِّ بالبُرِّ متساوياً وزناً، والذَّهبُ بجنسِهِ متساوياً كيلاً كما لم يجزْ مجازفةً. واعتبرَ تعيينُ الرِّبا في غيرِ صرفٍ بلا شرطِ التقابضِ

ففي النَّسيئةِ أحدُ البدلينِ معدوم، وبيعُ المعدومِ غيرُ جائزٍ، فصارَ هذا المعنى مُرجِّحاً لتلك الشُّبهة فلا يحلّ، وفي غير النَّسيئةِ لم يعتبرْ الشُّبهةُ لما قلنا أن الشُّبهةَ أدونُ من الحقيقة، على أن الخبرَ المشهور، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اختلفَ النَّوعانِ فبيعوا كيف شئتُم بعد أن يكونَ يداً بيدٍ» (١) يُؤيِّدُ ما قلنا.

وعند الشَّافِعِيِّ (٢) - رضي الله عنه - الجنسُ بانفرادِهِ لا يُحَرِّمُ النَّسأ.

(والشَّعيرُ، والبُرُّ، والتَّمرُ، والملحُ كيليٌّ، والذَّهبُ، والفضةُ وزنيٌّ أبداً، وإن تُرِكا فيها) (٣): أي وإن تُرِكَ الكيلُ في الأربعةِ المتقدِّمةِ، والوزنُ في الآخرين؛ لقولِهِ- صلى الله عليه وسلم -: «الحنطةُ بالحنطةِ» (٤) الحديث، (ويُحْمَلُ في غيرِها على العُرْف، فلم يَجُزْ بيعُ البُرِّ بالبُرِّ متساوياً وزناً، والذَّهبُ بجنسِهِ متساوياً كيلاً كما لم يجزْ مجازفةً.

واعتبرَ تعيينُ الرِّبا في غيرِ صرفٍ بلا شرطِ التقابضِ)، المعتبرُ في بيعِ الأموالِ الرَّبويَّةِ أن يكونَ المبيعُ معيَّناً، حتى لو لم يكن معيَّناً كان سَلَمَاً، فلا بُدَّ فيه من


(١) ورد بلفظ قريب منه من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواءً بسواء يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد» في «صحيح مسلم» (٣: ١٢١١)، و «سنن أبي داود» (٣: ٢٤٨)، وغيرهما، ووردت لفظة: «اختلف النوعان» في «المعجم الكبير» (١: ٣١٩)، و «الآثار» (١: ١٨٧). وينظر: «نصب الراية» (٤: ٤)، و «الدراية» (٢: ١٤٧)، وغيرهما.
(٢) ينظر: «تحفة المحتاج» (٤: ٢٧٣)، و «نهاية المحتاج» (٣: ٤٢٤)، و «فتوحات الوهاب» (٣: ٤٥)، وغيرها.
(٣) لأن النص قاطع وأقوى من العرف، والأقوى لا يترك بالأدنى. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٨٦).
(٤) من حديث عبادة بن الصامت وأبي سعيد الخدري وبلال - رضي الله عنهم -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد» في «صحيح البخاري» (٢: ٧٥٠)، و «صحيح مسلم» (١٢١١)، واللفظ له، وغيرهما، ولفظ: «الحنطة بالحنطة» في «مسند أحمد» (٢: ٢٣٢)، و «مسند أبي يعلى» (١١: ٣١)، و «شرح معاني الآثار» (٤: ٤)، وينظر: «نصب الراية» (٤: ٣٥)، و «الدراية» (٢: ١٥٦)، وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>