للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شخصٌ قال لآخر: اشترني فإنِّي عبدٌ فاشترى، فبان حُرّاً، ضَمِنَ إن لم يدرِ مكانَ بائعِهِ، ورجعَ عليه، وإن علمَ لا. ولا ضمانَ في الرَّهنِ أصلاً، ولا رجوعَ في دعوى حقٍّ مجهولٍ في دارٍ صُولِحَ على شيءٍ واستحقَّ بعضها، ولو استحقَّ كلَّها ردَّ كلَّ العوض؛ لأنَّ المدَّعي به داخلٌ في المستحقِّ

جاريةً، فولدتْ عنده فاستحقَّها رجلٌ ببيِّنةٍ، فإنَّه يأخذُها وولدَها، وإن أقرَّ بها لا؛ لأنَّ البيَّنةَ حجَّةٌ مطلقةٌ فيظهرُ ملكُهُ من الأصل، والإقرارُ حجَّةٌ قاصرة، فيثبتُ الملكُ به ضرورةَ صحَّةِ الإخبار، فيندفع الضَّرورةَ بثبوتِ الملكِ بعد انفصالِ الولد.

(شخصٌ قال لآخر: اشترني فإنِّي عبدٌ فاشترى، فبان حُرّاً، ضَمِنَ إن لم يدرِ مكانَ بائعِهِ)؛ لأنَّه بالأمرِ بالشَّراءِ يصيرُ ضامناً للثَّمنِ عند تعذُّرِ الرجوعِ على البائعِ دفعاً للضَّرر، وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه - لا ضمانَ عليه وإن علم لا، (ورجعَ عليه): أي رَجَعَ هذا الشَّخصُ بما ضَمِنَ على البائعِ، (وإن علمَ لا.

ولا ضمانَ في الرَّهنِ أصلاً): أي إن قال: ارْتَهِنْي فإنّي عبدٌ، فارتهنَهُ، فبانَ حُرّاً، فلا ضمانَ عليه سواءٌ عَلِمَ مكانَ الرَّاهنِ، أو لا؛ لأنَّ الرَّهنَ ليس عقدَ معاوضةٍ، فلا يكونُ الأمر به بضامنٍ للسلامة، وقال في «الهداية» في صورة المسألة: ضرب أشكالٍ: وهو أن الدَّعوى شرطٌ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - لحريةِ العبدِ، والتَّناقضُ يَمْنَعُ صحَّةَ الدَّعوى (١). فكيف يَظْهَرُ أنَّهُ حُرٌّ (٢)؟

(ولا رجوعَ في دعوى حقٍّ مجهولٍ في دارٍ صُولِحَ على شيءٍ واستحقَّ بعضها): أي إذا ادَّعى حقَّاً مجهولاً في دارٍ فَصُولِحَ على شيءٍ، ثم استحقَّ بعضَ الدَّارِ، فالمدَّعى عليه لا يرجعُ على المُدَّعِي بشيءٍ؛ لأنَ للمدَّعي أن يقولَ: دعواي (٣) في غيرِ ما استحقَّ، (ولو استحقَّ كلَّها ردَّ كلَّ العوض؛ لأنَّ المدَّعي به داخلٌ في المستحقِّ).


(١) انتهى من «الهداية» (٣: ٦٨) بتصرف يسير.
(٢) أجاب صاحب «الهداية» (٣: ٦٨) عن هذا الإشكال فقال: قيل: إذا كان الوضع في حرية الأصل فالدعوى فيها ليس بشرط عنده لتضمنه تحريم فرج الأم. وقيل هو شرط، لكن التناقض غير مانع لخفاء العلوق وإن كان الوضع في الإعتاق، فالتناقض لا يمنع لاستبداد المولى به فصار كالمختلعة تقيم البينة على الطلقات الثلاث قبل الخلع والمكاتب يقيمها على الإعتاق قبل الكتابة. والتفصيل في شروح «الهداية» (٦: ١٨٥ - ١٨٦).
(٣) العبارة في أ: لأن المدعي يقول دعوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>