للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قُطِعَ يدُهُ، ثُمَّ أُجيزَ فارشُهُ للمشتري، وتصدّقَ بما زادَ على نصفِ ثمنِه، ومَن اشترى عبداً من غيرِ سيّدِه فأقامَ بيِّنةً على إقرارِ بائعِهِ أو سيّدِه بعدمِ أمرِهِ مُريداً ردَّهُ لا تقبل. ولو أقرَّ بائعُهُ به: أي بعدم أمر المالك بالبيع عند قاضٍ به وطلبَ مشتريَه ردَّهُ ردُّ بيعه

لا ينفذُ؛ لقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لا عتقَ فيما لا يَمْلِكُهُ ابن آدم» (١)، ولو ثَبَتَ في الآخرة يثبتُ مستنداً، وهو ثابتٌ من وجهٍ دون وجه (٢).

ولهما: إنَّ الملكَ يَثْبُتُ موقوفاً بتصرُّفٍ مطلقٍ موضوعٍ لإفادةِ الملكِ فيتوقَّفُ الاعتاقُ مرتَّباً عليه كإعتاق المشتري من الرَّاهن، ولو باع المشتري من الغاصبِ، ثمّ أجيزَ البيعُ الأَوَّلُ لا ينفذُ الثَّاني؛ لأن بالإجازةِ ثَبَتَ ملكُ باتَ للمشتري الأوَّل، فإذا طرأ على الملكِ الموقوفِ للمشتري الثَّاني أبطلَهُ (٣).

(ولو قُطِعَ يدُهُ، ثُمَّ أُجيزَ فارشُهُ للمشتري): أي قُطِعَتْ يدُ العبدِ فأخذَ إِرْشَها، ثُمَّ أجازَ المالكُ البيعَ، فإرشُهُ للمشتري؛ لأنَّ الملكَ تَمَّ له من وقتِ الشراء، فتبيَّنَ أنَّ القطعَ وَقَعَ على ملكِ المشتري، فالإرشُ له، (وتصدّقَ بما زادَ على نصفِ ثمنِه): أي إن كان الإرشُ زائداً على نصفِ الثَّمن، فالزِّيادةُ لا تطيبُ له، فوجبَ تصدقُه؛ إذ في الزِّيادة شبهةُ عدمِ الملك (٤).

(ومَن اشترى عبداً من غيرِ سيّدِه فأقامَ بيِّنةً على إقرارِ بائعِهِ أو سيّدِه بعدمِ أمرِهِ مُريداً ردَّهُ لا تقبل.

ولو أقرَّ بائعُهُ به: أي بعدم أمر المالك بالبيع عند قاضٍ به وطلبَ مشتريَه ردَّهُ ردُّ بيعه)، الفرقُ بين الصُّورتينِ: أنَّ البيِّنةَ لا تقبلُ إلاَّ عند صحَّةِ الدَّعوى، وفي المسألةِ


(١) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك» في «جامع الترمذي» (٣: ٤٨٦)، واللفظ له، وقال الترمذي: حسن صحيح. و «مسند أحمد» (٢: ١٩٠)، و «سنن سعيد بن منصور» (١: ٢٨٦)، وغيرها، وينظر: «نصب الراية» (٤: ٤٤).
(٢) والاعتاق عنده لا يصح إلا في الملك الكامل.
(٣) أي أبطلَ الملكُ الباتُّ الملكَ الموقوف؛ لأنّه لا يتصوَّرُ اجتماعُ الباتِّ مع الموقوفِ في محلٍّ واحد، والبيعُ بعدما بطلَ لا يلحقُهُ الإجارة. ينظر: «الزبدة» (٣: ٧٠).
(٤) لأنَّ الملكَ غيرُ موجودٍ حقيقةً وقتَ القطع، وأرشِ اليدِ الواحدةِ نصفُ الدية، وفي العبدِ نصفُ القيمة، والذي دخلَ في ضمانِهِ هو ما كان بمقابلةِ الثمنِ فيما زادَ على نصفِ الثمنِ شبهةُ عدمِ الملك، فيتصدَّق به وجوباً. ينظر: «البحر» (٦: ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>