للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونقدَ خمسينَ فما نقدَ ثَمَنُ الفضةِ، سكتَ، أو قال: خذ هذا من ثمنِها، فإن افترقا بلا قبضٍ بطلَ في الحليةِ فقط، وإن لم يتخلَّصْ بلا ضررٍ بطلَ أصلاً، ومَن باعَ إناءَ فضَّةٍ وقبضَ بعضَ ثمنِه، ثمّ افترقا صحَّ فيما قَبَضَ فقط، واشتركا في الإناءِ

ونقدَ خمسينَ فما نقدَ ثَمَنُ الفضةِ)، وهو ألف في بيعِ الأمةِ، والخمسونَ في بيعِ السَّيف، (سكتَ، أو قال: خذ هذا من ثمنِها)، أمَّا إذا سكتَ فظاهرٌ؛ لأنَّه لَمَّا باعَ فقد قَصَدَ الصِّحَّة، ولا صِحَّةَ إلا بأن يجعلَ المقبوضَ في مقابلةِ الفضة.

وأمَّا إذا قال: خُذْ هذا ثمنها، فإنَّه ليس معناه خذ هذا على أنَّه ثَمَنُ مجموعِهما؛ لأنَّ ثَمَنَ المجموعِ ألفانِ في الجارية، والمئةُ في السَّيْف، فمعناهُ خذا هذا على أنَّهُ بعضِ ثَمَنِ مجموعِهما، وثَمَنُ الفضةِ بعضُ ثَمَنِ المجموعِ، فيحملُ عليه تحرِّياً للجواز.

(فإن افترقا بلا قبضٍ بطلَ في الحليةِ فقط، وإن لم يتخلَّصْ بلا ضررٍ بطلَ أصلاً): أي إن لم يتخلَّصْ الحلية من السَّيفِ بلا ضررٍ، وافترقا بلا قبضٍ بطلَ في كليهما، ووجدتُ في «حاشية نسخةِ المصنِّف» - رضي الله عنه - مع علامةِ صحَّ، لكن لا بخطِّ المصنِّفِ - رضي الله عنه - هذا الإلحاق، وهو هذا التَّفصيل: إذا كان الثَّمنُ أكثرَ من الحلية، وإن لم يكن لا يصحُّ.

فقولُهُ: وإن لم يكن؛ يشتملْ ما إذا كان الثَّمنُ مساوياً للحلية، أو أقلَّ منها، أو لا يَدْرِي، فإنَّه لا يجوزُ البيع، إمِّا لتحقُّقِ الرِّبا أو لشبهته (١)

(ومَن باعَ إناءَ فضَّةٍ وقبضَ بعضَ ثمنِه، ثمّ افترقا صحَّ فيما قَبَضَ فقط، واشتركا في الإناءِ): أي صحَّ البيعُ فيما قبضَ ثمنُه، وفسدَ فيما لم يقبضْ، ولا يشيعُ الفسادُ كما ذكرنا في «باب السلم» (٢)؛ لأنَّ الفسادَ طارئٌ.


(١) المسألةَ على أربعةِ أوجه:
فإنَّ الثمنَ إمَّا أن يكون أكثرَ من الحلية، أو مساوياً، أو أقلَّ، أو لا يدري.
ففي الصُّورةِ الأولى جازَ العقدَ على أن يجعلَ المثلَ بالمثلِ والباقي بالجفن والحمائل.
وفي الصورِ الباقية: لا يجوز.
أمَّا في صورةِ المساواة؛ فلأنَّ الجفنَ والحمائلَ فضلٌ خالٍ عن العوض، فإنَّ مقابلةَ الفضَّةِ بالفضَّةِ في البيعِ يكونُ بالأجزاء.

وأمَّا في صورةِ كونِ الثَّمنِ أقلّ فلظهورِ الفضلِ الخالي عن العوض.
وأمَّا في صورةِ أنّه لا يدري فلعدمِ علمِ المساواةِ عند العقد، وتوهُّم الفضل. ينظر: «زبدة النهاية» (٣: ٨٦).
(٢) ٣: ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>