للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يقبلُ قولُ المحيلِ للمحتالِ عليه عند طلبِهِ مثل ما أحال: أحلت بدينٍ كان لي عليكَ ولا قولَ المحتالَ للمحيلِ عند طلبِهِ ذلك أحلتني بدينٍ لي عليكَ، ويكرَهُ السُّفتَجة: وهي إقراضٌ لسقوطِ خطرِ الطَّريق

المحتالِ عليه، أو عندَهُ، وهو الدَّينُ، والمغصوبُ والوديعةُ سواءٌ كانتْ الحوالةُ مطلقةً أو مقيَّدةً، ففي المطلقةِ ظاهر، وأمَّا في المقيَّدة؛ فلأنَّ المحيلَ ليس له حقُّ الأخذِ من المحتالِ عليه، فإن دفعَ إليه المحتالُ عليه، فقد وقع ما تعلَّق به حقُّ المحتال، فيضمنُ المحتال عليه.

(ولا يقبلُ قولُ المحيلِ للمحتالِ عليه عند طلبِهِ مثل ما أحال: أحلت بدينٍ كان لي عليكَ): أي أحالَ رجلٌ رجلاً على آخرِ بمئة، فدفعَ المحتالُ عليه إلى المحتالِ، ثُمَّ طلبَ المحتالُ عليه تلك المئةِ من المحيلِ، فقال المحيلُ: إنِّما أحلتُ بمئة لي عليك، والمحتالُ عليه يُنْكِرُ أن عليه شيئاً يكونُ القولُ قوله لا للمحيل، ولا يكونُ قبولُ الحوالةِ إقراراً من المحتالِ عليه بمئةٍ؛ لأنَّ الحوالةَ تصحُّ من غيرِ أن يكونَ للمحيلِ على المحتالِ عليه شيءٌ.

(ولا قولَ المحتالَ للمحيلِ عند طلبِهِ ذلك أحلتني بدينٍ لي عليكَ): أي أحالَ فأخذَ المحتالُ المالَ من المحتالِ عليه، فطلبَ المحيلُ ذلك المالَ من المحتال، فقال المحتالُ للمحيل: قد أحلتَنِي بالدَّينِ الذي لي عليك، والمحيلُ يُنْكِرُ أن له عليه شيئاً، فالقولُ له لا للمحتال، ولا يكونُ الحوالةُ إقراراً من المحيلِ بالدَّينِ للمحتالِ على المحيلِ، فإنَّ الحوالةَ مستعملةٌ في الوكالةِ.

(ويكرَهُ السُّفتَجة: وهي إقراضٌ لسقوطِ خطرِ الطَّريق) (١): في «المغربِ» (٢): السُّفتَجةُ: بضمِّ السَّينِ، وفتح التَّاءِ: أن يدفعَ إلى تاجرٍ مالاً بطريقِ الإقراضِ ليدفعَهُ إلى صديقِهِ في بلدٍ آخرَ، وإنِّما يقرضُهُ لسقوطِ خَطَرِ الطَّريقِ، وهي تعريبُ سفتة.

وإنِّما سمِّي الإقراضُ المذكورُ بهذا الاسم تشبيهاً بموضعِ الدَّراهمِ والدَّنانيرِ في السَّفاتج: أي في الأشياءِ المجوفةِ، كما يجعلُ العصا مجوفاً ويخبأُ فيه المالَ وإنِّما شُبِّه به؛ لأَنَّ كلاً منهما احتيالٌ لسقوطِ خطرٍ الطَّريقِ، أو لأنَّ أصلَها أن الإنسانَ إذا أرادَ السَّفرَ وله نقدٌ، أو أرادَ إرسالَهُ إلى صديقِهِ، فوضعَهُ في سفتجةٍ ثمَّ مع ذلك خافَ الطَّريقَ فأقرضَ ما في السُّفتَجةِ إنساناً آخرَ، فأطلقَ السُّفتَجة على إقراضِ ما في السُّفتَجة، ثُمَّ شاعَ في الإقراضِ لسقوطِ خطرِ الطَّريقِ.


(١) ظاهرُ كلامِ «الكَنْز» (ص ١١٤)، و «الملتقى» (ص ١٢٧)، و «التنوير» (ص ١٤٥) أنها مكروهاً مطلقاً، ولكن صاحب «التبيين» (٤: ١٧٥)، و «الفتح» (٦: ٣٥٦)، و «الرمز» (٢: ٨٢)، و «حاشية رد المحتار» (٣: ١٧١) أنه إذا لم تكن المنفعةُ مشروطةً فلا بأس به.
(٢) المغرب» (ص ٢٢٦)، وينظر: «المصباح» (ص ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>