للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشهد رأى جالسٌ مجلسَ القضاء يَدْخُلُ عليه الخصومُ أنه قاض، ورجل وامرأة يسكنان بيتاً، وبينهما انبساطُ الأزواج أنَّها عرسُهُ، وشيءٌ سوى الرَّقيقِ في يدِ متصرِّفٍ كالملاكِ أنَّه له، فإن فسَّرَ للقاضي شهادتَهُ بالتَّسامع، أو بحكمِ اليدِ بطلت ومَن شَهِدَ أنَّهُ شَهِدَ دَفْنَ زيد، أو صلَّى عليه، قُبِلَتْ، وإن فسَّرَ وهو عيان

(ويشهد رأى جالسٌ مجلسَ القضاء يَدْخُلُ عليه الخصومُ أنه قاض، ورجل وامرأة يسكنان بيتاً، وبينهما انبساطُ الأزواج أنَّها عرسُهُ، وشيءٌ سوى الرَّقيقِ في يدِ متصرِّفٍ كالملاكِ أنَّه له) (١).

فقوله: ورجلٌ وامرأةٌ عطفٌ على قولِهِ جالس.

وقوله: أنَّها عرسُهُ عطفٌ على قولِهِ أنَّه قاض، فهذا من بابِ العطفِ على معمولي عاملين مختلفين، والمجرورُ مقدَّم، فإنَّ جالسَ معمولُ رأى، وإنَّه قاضٍ معمولُ يَشْهَد.

وإنِّما قال سوى الرَّقيق؛ لأنَّ الآدمي له يدٌ على نفسِهِ فيدفعُ يدَ الغيرِ عن نفسِه، والمرادُ إنسانٌ يُعَبِّرُ عن نفسِهِ حتَّى لو لم يُعَبِّرْ عن نفسِهِ كالصَّغير والصَّغيرة، فإنَّهما لا يدَ لهما فيعتبرُ يدُ الغير.

(فإن فسَّرَ للقاضي شهادتَهُ بالتَّسامع، أو بحكمِ اليدِ بطلت) (٢)، أقول: هذا يؤكِّدُ قولَ أبي يوسفَ - رضي الله عنه -: أن بمجرَّدِ اليدِ لا تَحِلُّ الشَّهادة، بل يُشْتَرَطُ أن يقع في قلبِهِ أنَّه ملكُه، فإنَّه قد قيل: إنَّ قولَ أبي يوسفَ - رضي الله عنه - تفسيرُ لإطلاقِ قول محمد - رضي الله عنه - في روايةٍ؛ وذلك لأنَّ مجرَّدَ اليدِ لو كان سبباً لَمَا أبطلَ إظهارَ السبب الشَّهادة، فإذا بيَّن أنَّه يشهدُ بمجردِّ اليدِ بطلتْ شهادتُه.

(ومَن شَهِدَ أنَّهُ شَهِدَ دَفْنَ زيد، أو صلَّى عليه، قُبِلَتْ، (وإن فسَّرَ) (٣) وهو عيان)؛ لأنّ معاينةَ الموتِ لا يكونُ إلاَّ من واحد، أو اثنين، فحضورُ الدَّفن، أو الصَّلاةِ بمَنْزلةِ المعاينة، ولا يجري في مثل ذلك التَّلبيس عادة. (والله أعلم) (٤).


(١) صورته: رجل رأى عيناً في يد إنسان ثم رأى ذلك العين في يد آخر، والأوّلُ يدَّعي الملك، وسعه أن يشهدَ بأنه للمدّعي؛ لأن الملك في الأشياء لا يعرف يقيناً بل ظاهراً، فاليد بلا منازعة دليل الملك ظاهراً. ينظر: «الدرر» (٢: ٣٧٥).
(٢) أي ينبغي للشاهد أن يطلق في أداء الشهادة، لا يقول: إنها بالتسامع أو بحكم اليد؛ لأنه يكون قد أقر بأنه شهد بغير علم؛ ولأن القاضي إنما يلزم بالشهادة إذا كانت عن عيان أو عن إطلاق لاحتمالها المشاهدة فيحمل عليها. ينظر: «فتح باب العناية» (٣: ١٣٥).
(٣) زيادة من ف و ق.
(٤) زيادة ب و ج و م.

<<  <  ج: ص:  >  >>