للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن يَلْعَبُ بالطُّيور، أو الطَّنبور، أو يُغَني للنَّاس، أو يَرْتَكِبُ ما يُحَدُّ به، أو يدخلُ الحمامَ بلا إزارٍ، أو يأكلَ الرِّبا، أو يُقامِرَ بالنَّرْد، أو الشَّطَرَنج، أو تفوتَهُ الصَّلاةُ بهما، أو يبولُ على الطَّريق، أو يأكلَ فيه، أو يظهرَ سبَّ السَّلف

في «الحواشي» (١): إنَّ هذا في غيرِ الخمرِ، أمَّا في الخمرِ فلا يحتاجُ إلى قيدِ اللَّهْو.

أقولُ: لا بُدَّ في الخمرِ من قيدِ (٢) الشُّرْبِ بطريق اللَّهُو أيضاً، فإن شربَها للتَّداوي بأن قال له الأطباء: لا علاجَ لمرضِك إلا الخمر، فحرمتُها مختلفٌ فيها، فلا تسقطُ الشَّهادةُ.

(ومَن يَلْعَبُ بالطُّيور، أو الطَّنبور (٣)، أو يُغَني للنَّاس): إنِّما قال للنَّاس: لأنَّ مَن يُغَنِي لدفعِ الوحشةِ عن نفسِهِ لا يُسقطُ العدالة، (أو يَرْتَكِبُ ما يُحَدُّ به، أو يدخلُ الحمامَ بلا إزارٍ، أو يأكلَ الرِّبا): شرطَ في «المبسوطِ» أن يكونَ مشهوراً بأكلِ الرِّبا؛ لأنَّ الإنسانَ قَلَّما يَنْجو عن البيوعِ الفاسدة، وكلُّ ذلك ربا.

(أو يُقامِرَ بالنَّرْد (٤)، أو الشَّطَرَنج، أو تفوتَهُ الصَّلاةُ بهما)، قال في «الهداية»: أو يقامرَ بالنَّرد، أو الشَّطرنج. ثم قال: أمَّا مجرَّدُ اللَّعبِ بالشَّطرنج فليس بفسق (مانع من قبولِ الشَّهادة) (٥)؛ لأنَّ للاجتهادِ فيه مساغاً (٦).

فُهِمَ من هذا أن في النَّردِ لا يشترطُ المقامرة، أو فوتَ الصلاةِ، فقيدُ المقامرةِ (وفوت الصَّلاة) (٧) في النَّرد وَقَعَ اتفاقاً، وفي «الذَّخيرة»: مَن يلعب بالنَّرد، فهو مردودُ الشَّهادةِ على كلِّ حال.

(أو يبولُ على الطَّريق، أو يأكلَ فيه، أو يظهرَ سبَّ السَّلف) (٨): أي الصَّحابة،


(١) ينظر: «الدر المختار» (٤: ٣٨٢).
(٢) زيادة من م.
(٣) الطنبور: من آلات الملاهي، وقصد كلُّ لهو يكون شنيعاً بين الناس؛ احترازاً عمَّا لم يكن شنيعاً كضرب القصب، فإنه لا يمنعَ قبولها إلا أن يتفاحش؛ بأن يرقصونَ به، فيدخل في حدِّ الكبائر. ينظر: «المنح» (ق ٢: ١٣٠/أ)، «البحر» (٧: ٨٨)، «المصباح» ٠ (ص ٣٦٨)
(٤) النرد: لعبة معروفةٌ، وضعها أَرْدَ شيرُ بن بابَك؛ ولهذا يقال: النرد شير. ينظر: «المصباح» (ص ٥٩٩)، «القاموس» (١: ٣٥٣).
(٥) زيادة من أ و م.
(٦) انتهى من «الهداية» (٣: ١٢٣).
(٧) زيادة من ب و م.
(٨) السبُّ: هو التكلّم في عِرضِ الإنسان بما يعيبه. والسلف: جمع سالف، وهو الماضي، وفي الشرع: اسمٌ لكلِّ مَن يقلَّدُ مذهبُه ويقتفَى أثرُه كأبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأصحابه، فإنّهم سلفنا، والصحابةُ والتابعونَ سلفٌ لأبي حنيفة - رضي الله عنه - وأصحابه. ينظر: «جامع الرموز» (٢: ٢٤٣)، «الكفاية» (٦: ٤٨٦)، «البحر» (٧: ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>