للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَضْمَنا، وبعدَهُ لم يفسخْ، وضمَنا ما أتلفاه بها إذا قَبَضَ مدَّعاه ديناً كان أو عيناً، فإن رَجَعَ أحدُهما ضَمِنَ نصفاً، والعبرةُ للباقي لا للرَّاجع، فإن رَجَعَ أحدُ ثلاثةٍ شَهِدوا لم يضمن، وإن رجعَ آخر ضمنا نصفاً، وإن رجعتْ امرأةٌ من رجلٍ وامرأتينِ ضمنتْ ربعاً، وإن رجعَتا ضمنتا نصفاً. وإن رجعَتْ ثمانٍ من رجلٍ وعشرِ نسوة، فلا غُرْم، وإن رجعتْ أخرى ضمنتْ التِّسعُ ربعاً، وإنْ رجعَ الكُلُّ فعلى الرَّجلِ سدسٌ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - ونصفٌ عندهما، وما بَقِيَ عليهنَّ على القولين، وإن رجعنَ فقط فنصفُ إجماعاً

يَضْمَنا، وبعدَهُ لم يفسخْ): أي إذا رَجَعا عن الشَّهادة بعد حُكْمِ القاضي لم يُفْسَخِ الحكم، (وضمَنا ما أتلفاه بها إذا قَبَضَ مدَّعاه ديناً كان أو عيناً)، حتَّى إذا قضى القاضي، ولم يَقْبِضِ المدَّعي مدَّعاهُ لا يجبُ الضَّمان، بل يتوقَّفُ الضَّمانُ على القبض، فلمَّا قَبَضَ يضمنُ الشُّهود، وعند الشَّافِعِيّ (١) - رضي الله عنه - لا ضمانَ على الشُّهودِ إذا رجعوا؛ إذ لا اعتبارَ للتسبيب عند وجودِ المباشرة، وهو حكمُ القاضي، قلنا: إذا تعذَّرَ تضمينُ المباشر، وهو القاضي؛ لأنَّهُ ملجأٌ في القضاء، يعتبرُ التَّسبيب.

(فإن رَجَعَ أحدُهما ضَمِنَ نصفاً، والعبرةُ للباقي لا للرَّاجع، فإن رَجَعَ أحدُ ثلاثةٍ شَهِدوا لم يضمن)؛ لبقاءِ نصابِ الشَّهادة، (وإن رجعَ آخر ضمنا نصفاً)؛ لأنَّ نصفَ نصابِ الشَّهادةِ باقٍ.

(وإن رجعتْ امرأةٌ من رجلٍ وامرأتينِ ضمنتْ ربعاً، وإن رجعَتا ضمنتا نصفاً.

وإن رجعَتْ ثمانٍ من رجلٍ وعشرِ نسوة، فلا غُرْم، وإن رجعتْ أخرى ضمنتْ التِّسعُ ربعاً)؛ لبقاءِ ثلاثةِ أرباع النِّصاب، (وإنْ رجعَ الكُلُّ فعلى الرَّجلِ سدسٌ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - ونصفٌ عندهما، وما بَقِيَ عليهنَّ على القولين)، لهما: أنَّ الرَّجلَ الواحدَ نصفُ النِّصاب، والنساء وإن كثرنَ يَقُمْنَ مقامَ رجلٍ واحدٍ، ولأبي حنيفةَ - رضي الله عنه - أن كلَّ امرأتينِ مع الرَّجلِ تقوم مقامَ رجلٍ واحد (٢)، (وإن رجعنَ فقط فنصفُ إجماعاً)؛ لبقاء نصفِ النِّصاب، وهو الرَّجل.


(١) لكن الأظهر عند الشافعية أنه لو رجع الشهود غرِّموا. ينظر: «المنهاج» (٤: ٤٥٩)، و «المحلي» (٤: ٣٣٥)، و «مغني المحتاج» (٤: ٤٥٩)، وغيرهم.
(٢) أي كلُّ امرأتين مع الرجل تقومان مقامَ رجلٍ واحد، فصار كما إذا شهدَ بذلك ستَّة رجالٍ ثمَّ رجعوا، فيكون الضمانُ عليهم أسداساً، وعدمُ الاعتدادِ بكثرتهنّ عند انفرادهنّ لا يلزم منه عدمُ الاعتدادِ بكثرتهنّ عند الاجتماعِ مع الرجال، ألا ترى أنَّ كلَّ اثنتين منهنَّ في الميراثِ تقومانِ مقامَ ابنٍ واحد، وعند انفرادهنّ لهنّ الثلثان، فلا يزدادُ نصيبهنّ وإن اختلطنَ بابنٍ يزيد، فيعتدّ بكثرتهنّ، فكذا هنا. ينظر: «التبيين» (٤: ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>