للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله الرُّجوعُ بالثَّمنِ على الآمرِ دَفَعَهُ إلى بائعِهِ أو لا،

الوكيل: قد فعلت، وماتَ العبدُ عندي، وقال الآمر: اشتريتَ لنفسك، فإن دَفَعَ الآمرُ الثَّمَنَ فالقولُ للوكيل، وإن لم يدفعْ، فالقولُ للآمر، وعللَّ في «الهداية» فيما إذا لم يدفعِ الآمرُ الثَّمنَ: بأن الوكيلَ أَخبرَ بأمرٍ لا يملك استئنافَه، وفيما إذا دفعَ الثَّمن بأن الوكيلَ أمينٌ يريدُ الخروجَ عن عهدةِ الأمانة (١).

أقولُ: كلُّ واحد من التَّعليلينِ شاملٌ للصورتين (٢)، فلا يتمُّ به الفرق، بل لا بُدَّ من انضمامِ أمرٍ آخر، وهو أن (يكون الوكيل) (٣) فيما إذا لم يدفعِ الثَّمنَ يدَّعي الثَّمنَ على الآمر، وهو ينكره، فالقولُ للمنكر، وفيما إذا دَفَعَ الثَّمَنَ يدَّعي الآمرُ الثَّمَنَ على المأمورِ وهو يُنْكِرُه، فالقولُ للمنكر.

(وله الرُّجوعُ بالثَّمنِ على الآمرِ دَفَعَهُ إلى بائعِهِ أو لا): أي للوكيلِ بالشَّراءِ الرُّجوعُ بالثَّمنِ على الآمرِ إذا فعلَ ما أمره به سواءٌ دفعَ الوكيلُ الثَّمنَ إلى بائعِه، أو لم يدفعْهُ، جعلوا هذه المسألةَ مبنيَّةٌ على أنه يجري بين الوكيلِ والموكِّلِ مبادلةٌ حكميّة، فيصيرُ الوكيلُ بائعاً من موكِّلِه، فله مطالبةُ الثَّمن، وإن لم يَدْفَعْ إلى بائعِه.


(١) انتهت عبارة «الهداية» (٣: ١٤٢) باختصار. وعبارتها: ومَن أمرَ رجلاً بشراء عبدٍ بألفٍ فقال: قد فعلتُ ومات عندي، وقال الآمر: اشتريته لنفسك، فالقولُ قولُ الآمر، فإن وقع إليه الألف، فالقولُ قولُ المأمور؛ لأنَّ في الوجه الأوّل أخبرَ عمَّا لا يملك استئنافه، وهو الرجوعُ بالثمن على الآمر، وهو ينكر، والقول للمنكر، وفي الوجه الثاني هو أمينٌ يريد الخروجَ عن عهدة الأمانة، فيقبل قوله.
(٢) لا يخفى أنَّ التعليلَ الثاني لا يشملُ صورةَ عدمِ دفعِ الثمن؛ لأنّه لا ثمنَ في يد الوكيلِ حتى يكون أميناً. ينظر: «الزبدة» (٣: ١٨٥).
(٣) زيادة من ب و م.

<<  <  ج: ص:  >  >>