للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي غيرِ عين هو للوكيل، إلاَّ إذا أضافَ العقدَ إلى مالِ آمرِه، أو أطلقَ ونوى له، ويبطلُ الصَّرْفُ والسَّلَمُ بمفارقةِ الوكيلِ دون آمرِه، فإن قال: بعني هذا لزيد، فباعَه، ثُمَّ أنكرَ الأمرَ أخذَهُ زيدٌ، فإن صَدَّقَهُ لا يأخذُهُ جبراً، ومَن وُكِّلَ بشراءِ مَنِّ لحمٍ بدرهم، فشرى مَنَوين بدرهمٍ ممَّا يُباعُ مَنٌّ بدرهمٍ لَزِمَ موكِّلُهُ مَنٌّ بنصف دِرْهَم

هو (١) الشِّراءُ بالنُّقود، والمعروفُ عرفاً كالمشروطِ شرطاً، وإن اشترى غيرُ الوكيلِ بأمرِه، لكن بغيبتِهِ يكونُ مخالفةً، وإن كان بحضرتِهِ لا يكونُ مخالفةً؛ لأنَّهُ حضر رأيه.

(وفي غيرِ عين هو للوكيل، إلاَّ إذا أضافَ العقدَ إلى مالِ آمرِه، أو أطلقَ ونوى له): أي قال الوكيلُ: اشتريتُ بهذا الألف، والألفُ ملكُ الموكِّل، أو أطلق: أي قال: اشترى بألفٍ مطلقٍ من غيرِ أن يقيِّدَ بألف هو ملك الموكِّلِ لكن نَوَى الشَّراء للآمر يكونُ للآمر.

(ويبطلُ الصَّرْفُ والسَّلَمُ بمفارقةِ الوكيلِ دون آمرِه)، صورةُ السَّلَم: أن يوكِّلَ رجلاً بأن يشتري له كُرَّ بُرٍّ بعقدِ السَّلَم، وليس المرادُ التَّوكيلَ ببيعِ الكُرِّ بعقدِ السَّلَم؛ لأنَّ هذا لا يجوزُ إذ الوكيلُ يبيعُ طعاماً في ذمّتِهِ على أن يكونَ الثَّمَنُ لغيرِه، ولا نظيرَ له في الشَّرع، وإنِّما يعتبرُ مفارقةُ الوكيل؛ لأنَّ العاقدَ هو الوكيل (٢).

(فإن قال: بعني هذا لزيد، فباعَه، ثُمَّ أنكرَ الأمرَ): أي أنكرَ المشتري أن زيداً أمره بالشِّراء، (أخذَهُ زيدٌ)؛ لأنَّ قولَهُ: بعني لزيد إقرارٌ بتوكيلِه؛ لأنَّ هذا البيعَ إنِّما يكونُ لزيدٍ إذا أمر زيدٌ به، فلا يُصَدَّقُ في إنكاره أمرَه، (فإن صَدَّقَهُ لا يأخذُهُ جبراً): أي إن صَدَّقَ زيدٌ المشترى أنَّه لم يأمرْهُ لا يأخذُهُ جبراً؛ لأنَّ إقرارَ المشتري ارتدَّ بردِّه، وإنِّما قال جبراً؛ لأن المشتري إن سلَّمَهُ إلى زيدٍ يكون بيعاً بالتَّعاطي، فالتَّسليمُ على وجهِ البيعِ يكفي للتَّعاطي، وإن لم يوجدْ نقداً لثمن.

(ومَن وُكِّلَ بشراءِ مَنِّ لحمٍ بدرهم، فشرى مَنَوين بدرهمٍ ممَّا يُباعُ مَنٌّ بدرهمٍ لَزِمَ موكِّلُهُ مَنٌّ بنصف دِرْهَم)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما: يلزمُهُ مَنَوان بدرهم؛ لأنَّ الموكِّلَ أمرَهُ بصرفِ الدِّرهمِ إلى اللحم، فصرفَ وزادَه خيراً، وله: أنّه


(١) زيادة من ب و م.
(٢) وزيادة التوضيح للمسألة ينظر: «درر الحكام» (٢: ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>