للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفسخَ القاضي البيعَ، ومَن نكلَ لَزِمَهُ دعوى الآخر،

ولا احتياجَ إلى إثباتِ ما يدَّعيه، هو الصَّحيح (١).

(وفسخَ القاضي البيعَ): أي بعد التَّحالف، (ومَن نكلَ لَزِمَهُ دعوى الآخر): أي (٢) إذا عرضَ اليمينُ أَوَّلاً على المشتري، فإن نكلَ لَزِمَهُ دعوى البائع، فإن حَلَفَ يعرضُ اليمينَ على البائع، فإن حَلَفَ يفسخُ البيع، وإن نكلَ لزمَهُ دعوى المشتري.

ثُمَّ اعلم أنّ الاختلافَ إذا كان في الثَّمن فالتحالفُ قبل قبضِ المبيع موافقٌ للقياس؛ لأنَّ البائعَ يدَّعي زيادةَ الثَّمن والمشتري يُنْكِرُها، والمشتري يدَّعي وجوبَ تسليمُ المبيعِ بأقلِّ الثَّمنينِ، والبائعُ يُنْكِرُه، فكلٌّ منهما مدَّعٍ ومُنْكِرٌ فيتحالفان، أمَّا بعد قبضِ المبيعِ فمخالفٌ للقياس، فإن المشتري لا يدَّعي شيئاً؛ لأنَّ المبيعَ قد سُلِّم له، والبائعُ يدَّعي زيادةَ الثَّمنِ والمشتري يُنْكِرُه، لكن التَّحالف هاهنا ثبت بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اختلفَ المتبايعانِ والسِّلْعَةُ قائمةٌ تحالفا وترادَّا» (٣).


(١) وفي «الدر المنتقى» (٢: ٢٦٣)، و «الدر المختار» (٤: ٤٣٠): في الأصح؛ لما في «الزيادات»: يحلف: بالله ما باعه بألف، ولقد باعَه بألفين، ويحلف المشتري: بالله ما اشتراهُ بألفين، ولقد اشتراهُ بألف، يضمُّ الإثباتَ إلى النفي تأكيداً. وينظر: «الهداية» (٣: ١٦٢).
(٢) زيادة من ب و م.
(٣) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، وقد ورد بألفاظ مختلفة: منها: (إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمةٌ فالقول قول البائع أو يترادان)، في «سنن الدارمي» (٢: ٣٢٥)، و «سنن ابن ماجه» (٢: ٧٣٧)، و «سنن الدارقطني» (٣: ٢٠)، و «مسند الشاشي» (١: ٣٢٨)، و «المعجم الكبير» (١٨: ١٧٤) واللفظ له، وفي «الموطأ» (٢: ٦٧١) بلاغاً، وقد صححه الحاكم، وحسَّنَه البيهقي، وقال ابن عبد البر: هو منقطع إلا أنه مشهور الأصل عند جماعة العلماء تلقوه بالقبول وبنوا عليه كثيراً من فروعه، وقال صاحب «التنقيح» والذي يظهر أنه حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - بمجموع طرقه له أصل، بل هو حديث حسن يحتج به لكن في لفظه اختلاف والله أعلم، وأيَّدَه الزيلعي في «نصب الراية» (٤: ١٠٥)، وقال صاحب «معتصر المختصر» (٢: ١٣٤): إنه من الأحاديث التي استغنى عن طلب الإسناد فيها لصحتها عند العلماء، وينظر: «تلخيص الحبير» (٣: ٣١)، و «التحقيق» (٢: ١٨٤)، و «الخلاصة» (٢: ٧٦)، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>