للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحجَّةُ كلٍّ في فضلٍ يدَّعيه أَوْلى إن اختلفا فيهما، ولا تَحالُفَ إن اختلفا بعد قبضِ المنفعة، والقولُ للمستأجِر، وبعد قبضِ بعضِها تحالفا، وفُسِخَتْ فيما بقي، والقولُ للمستأجِرِ فيما مَضَى، وإن اختلفَ الزَّوجان في متاعِ البيت، فلَها ما صلحَ لها، وله ما صلحَ له أو لهما

(وحجَّةُ كلٍّ في فضلٍ يدَّعيه أَوْلى (١) إن اختلفا فيهما)، كما إذا قال المؤجِّرُ: أجَّرتُ إلى سنةٍ بمئتين، وقال المستأجِرُ: لا بل أجَّرتَ إلى سنتين بمئة، وأقاما البيِّنة تَثْبُتُ في سنتينِ بمِئتين.

(ولا تَحالُفَ إن اختلفا بعد قبضِ المنفعة، والقولُ للمستأجِر): أي إن (٢) اختلفا في قَدْرِ الأجرةِ بعد قبضِ المنفعة، فلا تَحالُفَ عليهما، والقولُ للمستأجِّر؛ لأنَّهُ منكرٌ للزِّيادة، وهذا ظاهرٌ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأبي يوسفَ - رضي الله عنه -؛ لأنَّ التَّحالُفَ بعد قبضِ المبيعِ على خلافِ القياس؛ فلا يقاسُ الإجارةُ على البيع، فإنّ التَّحالفَ في الإجارةِ يثبت قياساً على البيع، وأمَّا عند محمَّدٍ - رضي الله عنه - فإن البيعَ ينفسخُ بقيمةِ الهالك، وهاهنا ليس للمنَافعِ قيمة.

(وبعد قبضِ بعضِها تحالفا، وفُسِخَتْ فيما بقي، والقولُ للمستأجِرِ فيما مَضَى)، فإن الإجارةَ تَنْعَقِدُ ساعةً فساعة، فكأنَّها تنعقدُ بعقودٍ مختلفة، ففيما بقي يتحالفان قياساً على البيع، وفيما مَضَى لا، بل القولُ فيه للمنكر، وهو المستأجِر (٣).

(وإن اختلفَ الزَّوجان في متاعِ البيت، فلَها ما صلحَ لها، وله ما صلحَ له أو لهما): أي إن اختلفا ولا بيِّنةً لأحدِهما، فما صلحَ للنِّساء يكون للمرأة مع يمينِها، وما صلحَ للرِّجال أو للرِّجالِ والنِّساءِ يكونُ للرَّجل مع يمينِه.


(١) زيادة من أ و ب و م.
(٢) زيادة من أ و ف.
(٣) بيانه: لو اختلفا بعد استيفاءِ بعضِ المنفعة تحالفا فيما بقيَ اعتباراً للبعضِ بالكلّ، وتفسخُ الإجارةِ فيما بقيَ من المنافع، لإمكانِ الفسخ، وهذا لا ينافي ما مرَّ أنَّ هلاكَ بعض المعقودِ عليه يمنعُ التحالفَ عند الإمام؛ لأنَّ الإجارةَ تنعقدُ ساعةً فساعة، على حدوثِ المنفعة، فكان كلُّ جزءٍ من المنفعةِ بمنْزلة معقودٍ عليه فيما بقيَ من المنفعة، كمعقودٍ عليه غيرِ مقبوض، فتحالفا في حقِّه، بخلاف ما إذا هلكَ بعضُ المبيع؛ لأنّه بجميعِ أجزائه معقودٌ بعقدٍ واحد، فإذا تعذَّرَ الفسخُ في بعضِهِ بالهلاك، تعذَّر في كلِّه ضرورةً. والقولُ للمستأجِرِ مع اليمين فيما مضى؛ لأنّه منكرٌ بما يدَّعيه المؤجِّرُ من زيادة الأجرة. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٢٦٧ - ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>