للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يرجَّحُ بكثرةِ الشُّهود، ولو ادِّعى أحدُ خارجينِ نصفَ دار، والآخرُ كلَّها، فالرُّبعُ للأَوَّل، وقالا: الثُّلُث، والباقي للثَّاني، وإن كانت معهما، فهي للثَّاني نصفٌ بقضاء، ونصفٌ لا به

فالضابط أنَّ كلَّ بيِّنةٍ تكونَ أكثرَ إثباتاً، فهي أحقّ، هذا في الخارج وذي اليد في الملكِ المطلق، وأمَّا في الملكِ بسبب، فإن ذَكَرَا سبباً واحداً، فإن تلقَّيا من واحدٍ، فذو اليدِ أحقّ، وإن تلقَّيا من اثنين فالخارجُ أحقّ شاملاً للصُّور المذكورة، وإن ذَكَرَا سببينِ كالشَّراء، والهبة، وغير ذلك، يُنْظَرُ إلى قوّةِ السَّببِ كما في «المتن» (١).

(ولا يرجَّحُ بكثرةِ الشُّهود): فإنِّ التَّرجيحَ عندنا بقوّةِ الدَّليل لا بكثرتِه.

(ولو ادِّعى أحدُ خارجينِ نصفَ دار، والآخرُ كلَّها، فالرُّبعُ للأَوَّل، وقالا: الثُّلُث، والباقي للثَّاني)، اعلم أن أبا حنيفةَ - رضي الله عنه - اعتبرَ في هذه المسألة طريقَ المنازعة، وهو أن النَّصفَ سالمٌ لمدَّعي الكلِّ بلا منازعة، بقي النِّصفُ الآخر، وفيه منازعتُهما على السَّواء، فينصَّف، فلصاحبُ الكلِّ ثلاثةُ أرباع، و لصاحب النِّصف الرُّبع.

وهما: اعتبرا طريقَ العَول (٢) والمضاربة (٣)، وإنِّما سمِّي بهذا؛ لأن في المسألةِ كلاً، ونصفاً، فالمسألةُ من اثنين، وتعول إلى ثلاثة، فلصاحبِ الكلِّ سهمان، ولصاحبِ النِّصف سهم، هذا هو العول، وأمَّا المضاربةُ فإن كلَّ واحدٍ يضربُ (٤) بقدرِ حقِّه، فصاحبُ الكُلِّ له الثُلُثان من الثَّلاثة، فيضربُ الثُلُثين في الدَّار، فيحصل له ثلثاً الدَّار، وصاحبُ النِّصفِ له ثُلُثٌ من الثَّلاثة، فيضربُ الثُلُثَ في الدَّار، فيحصلُ له ثُلُثُ الدَّار؛ لأنَّ ضربَ الكسورِ بطريقِ الإضافة، فإنَّه إذا ضَرَبَ الثُلُثَ في السِتَّة، معناه ثُلُثُ السِتَّة، وهو اثنان.

(وإن كانت معهما، فهي للثَّاني نصفٌ بقضاء، ونصفٌ لا به)، فإنَّ الدارَ إذا


(١) ومثله في «إيضاح الإصلاح» (ق ١٢١/ب).
(٢) العَول: وهو أن ترتفعَ السهامُ وتزيدُ فيدخل النقصانُ على أهلِها، كأنّها عالت عليهم فنقصتُهم. ينظر: «المغرب» (ص ٣٣٢).
(٣) يعني إنّ لكلِّ واحدٍ من المدعيين حقّاً في العين على معنى أنَّ حقَّ كلٍّ منهما شائعٌ فيها، فما من جزءٍ إلا وصاحبُ القليلِ يزاحم فيه صاحب الكثير بنصيبه؛ فلهذا كانت القسمةُ فيه بطريق العول، فيضرب كلٌّ منهما بجميعِ دعواه، فاحتجنا إلى عددٍ له نصفٌ صحيح، وأقلُّه اثنان، فيضرب بذلك صاحبُ الجميع، ويضرب مدَّعي النصف بسهم، فيكون بينهما أثلاثاً. ينظر: «العناية» (٨: ٢٧٧).
(٤) قال الفقهاء: فلانٌ يضربُ فيه بالثُلُث: أي يأخذ منه شيئاً بحكم ما له من الثُلُث. ينظر: «المغرب» (ص ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>