للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجالسِ البساطِ والمتعلِّقِ به سواء كمَن معه ثوبٌ وطرفُهُ مع آخر. والقولُ لصبيٍّ يُعَبِّرُ في أنا حرّ، وإن قال: أنا عبدُ فلانٍ قُضِي لمَن معه كمَن لا يُعَبِّر، والحائطُ لمَن جذوعُهُ عليه، أو متَّصلٌ ببنائِهِ اتّصالَ تربيعٍ لا لمن له عليه هَرَادِيّ، بل هو بين الجارين

(وجالسِ البساطِ والمتعلِّقِ به سواء كمَن معه ثوبٌ وطرفُهُ مع آخر (١).

والقولُ لصبيٍّ يُعَبِّرُ في أنا حرّ، وإن قال: أنا عبدُ فلانٍ قُضِي لمَن معه كمَن لا يُعَبِّر)، المرادُ بالتَّعبيرِ أن يتكلَّم، ويعقلَ ما يقول، وإن كان معبِّراً ويقولُ: أنا حرّ، فالقولُ قولُه؛ لأنَّهُ في يدِ نفسِه، ولو قال: أنا عبدُ زيدٍ وهو في يدِ عمرو كان عبداً لعمرو؛ لأنَّه لَمَّا أقرَّ أنَّه عبدٌ أقرَّ أنَّه ليس في يدِ نفسِه، فيكونُ عبداً لصَّاحب اليد، وإن لم يكن معبِّراً، ويقول: أنا حرّ، لا يكونُ في يدِ نفسِه، فيكونُ عبداً لصاحبِ اليد.

أقول: اليدُ على الإنسانِ ليس دليلاً ظاهراً على الملك، فإن مَن رأى إنساناً في يدِ آخر، يتصرَّفُ فيه تصرُّفَ المُلاّك، لا يجوزُ أن يشهدَ (٢) أنَّه ملكه، فإنَّ الأصلَ في الإنسانِ الحريّة (٣)، فكون الصَّبيِّ الذي لا يُعَبِّرُ عبداً لصاحبِ اليدِ مشكل.

(والحائطُ لمَن جذوعُهُ (٤) عليه، أو متَّصلٌ ببنائِهِ اتّصالَ تربيعٍ)، اتصالُ التربيع: اتصالُ جدارٍ بجدارٍ بحيث يتداخلُ لَبِناتُ هذا الجدارُ في لَبِناتِ ذلك، وإنِّما سمَّى اتّصالَ التَّربيع؛ لأنَّهما إنِّما يُبْنَيان ليحيطا مع جدارين آخرين بمكان مُرَبَّع، (لا لمن له عليه هَرَادِيّ)، المراد بالهَرَاديّ (٥): الخشباتُ التي توضعُ على الجذوع، (بل هو (٦) بين الجارين


(١) أي يكون بينهما نصفين لا طريق القضاء؛ ففي البساط الجلوس عليه ليس بيد فاستويا في عدم اليد، وفي الثوب وإن كان في يد أحدهم أكثر؛ لأن الزيادة ليست من جنس الحجة، فلا يوجب الرجحان. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٢٨٢).
(٢) فيه نظر؛ لأنّه قد صرَّح في (كتاب الشهادة) في هذا الكتاب، وفي جميع الكتبِ بأنَّ الرجلَ إذا رأى صبيّاً لا يعبّر عن نفسِهِ جازَ له أن يشهدَ أنّه له، على أنّه لا بدَّ له على نفسِه بحسبِ الشرع، فيكون لصاحبِ اليد، فتأمّل فيه. ينظر: «الزبدة» (٣: ٢٣١).
(٣) الأصل في الإنسان الحرية يبطلُ إذا اعترضَ عليه ما يدلُّ على خلافه، وثبوتُ اليد دليلٌ على خلافِ ذلك الأصل؛ لأنّه دليلُ الملك، فيبطل به ذلك الأصل. ينظر: «الإيضاح» (ق ١٢٢/أ).
(٤) الجذوع: جمع جذع، وهو بالكسر: ساق النخلة، ويسمى سهم السقف جذعاً. ينظر: «المصباح المنير» (١: ١٤٨).
(٥) هَرَاديّ: هو أطراف القصب التي توضع على الحائط في البناء. ينظر: «طلبة الطلبة» (ص ١٢٠).
(٦) زيادة من ب و م.

<<  <  ج: ص:  >  >>