للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي: من غَصَب، أو وديعة إن ادَّعى أحدَ هذه صُدِّقَ إلاَّ فَصْلاً في الأخيرين، وصُدِّق في: غَصَبْتُ ثوباً، وجاء بمعيب، وفي له عليّ ألفُ درهم إلاَّ أنَّه ينقصُ كذا متّصلاً، وإن فَصَلَ لا، ولو قال: أخذتُ منك ألفاً وديعةً فهلكت، وقال الآخر: بل غصباً، ضَمِنَ، وفي: أعطيتَنيه وديعةً، وقال الآخرُ: غصبتنيه لا

وَصَلَ صُدِّق؛ لأنَّه رجوعٌ عنده (١)، وبيانُ تغييرٍ عندهما.

(وفي: من غَصَب، أو وديعة إن ادَّعى أحدَ هذه صُدِّقَ إلاَّ فَصْلاً في الأخيرين): أي إن قال: له عليَّ ألفٌّ من غصب، أو وديعة إلاَّ أنها زيوف، أو نَبَهْرَجةٌ صُدِّقَ وَصَلَ أم فَصَل، وإن قال: سَتُّوقة، أو رصاص، فإن وَصَلَ صُدِّق، وإن فَصَلَ لا، والفرقُ بين البيعِ والقرض وبين الغصبِ والوديعةِ: أن الأولينِ يقعانِ على الجياد، فإن فَسَّرَ الدَّراهم بغيرِ الجياد يكونُ رجوعاً، والغصبُ والوديعةُ يقعانِ على كلِّ ذلك، والسَتُّوقةُ والرَّصاصُ ليسا من جنسِ الدَّراهم، وإنِّما يسمَّيانِ دراهمَ مجازاً، فيكونُ بيانُ تغيير إن وَصَلَ صُدِّق، وإن فَصَلَ لا.

(وصُدِّق في: غَصَبْتُ ثوباً، وجاء بمعيب، وفي له عليّ ألفُ [درهم] (٢) إلاَّ أنَّه ينقصُ كذا متّصلاً، وإن فَصَلَ لا) (٣): لأنَّ الاستثناءَ يصحُّ متصلاً لا منفصلاً.

(ولو قال: أخذتُ منك ألفاً وديعةً فهلكت، وقال الآخر: بل غصباً، ضَمِنَ (٤)، وفي: أعطيتَنيه وديعةً، وقال الآخرُ: غصبتنيه لا): والفرقُ أن في الأَوَّلِ أقرَّ بوجوب الضَّمان، وهو الأخذُ، وفي الثَّاني: لم يُقِرَّ بذلك، بل الآخرُ يدَّعي عليه الغصب، وهو ينكرُه، فالقولُ له.


(١) هذا دليلٌ على مذهبِ الإمام، تقريره: أنّ قولَ المُقِرِّ: هي زيوفٌ، رجوعٌ عن الإقرار، فإنَّ مطلقَ العقدِ يقتضي وصفَ السلامةِ عن العيب، والزيافةُ عيبٌ، ودعوى العيبِ رجوعٌ عن مقتضى ما أقرَّ به، فلا يصحّ. ينظر: «التبيين» (٥: ١٩).
(٢) زيادة من أ و ب و ص و م.
(٣) يعني ولو قال: له عليَّ ألفُ درهم إلاَّ أنّه ينقصُ مئة درهمٍ مثلاً صُدِّق إن وصل، وإلاَّ لزم الألف، فإنَّ الاستثناءَ يجوز متَّصلاً لا منفصلاً، ولو كان الانفصالُ بسببِ انقطاعِ النفسِ أو بسببِ دفع السعالِ فعن أبى يوسفَ - رضي الله عنه - إنّه يصحّ إذا وصلَه به، وعليه الفتوى. ينظر: «التبيين» (٥: ٢٠).
(٤) ضَمِنَ المقِرُّ ما أقرَّ بأخذه له؛ لأنّه أقرَّ بسبب الضمانِ وهو الأخذ، ثمّ إنّه ادّعى ما يوجبُ البراءةَ وهو الإذنُ بالأخذ، والآخرُ ينكر، فالقول قولُه مع يمينه. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>