للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا عن دعوى حدٍّ، ولا إذا قتلَ مأذونٌ آخر عمداً، وصالحَ عن نفسِه، وصحَّ صلحُهُ عن نفسِ عبدٍ له قتلَ رجلاً عمداً، والصُّلحُ عن مغصوبٍ تَلِفَ بأكثرَ من قيمتِه، أو عرض، وفي موسرٍ أعتقَ نصفاً له، وصالحَ عن باقيه بأكثرَ من نصفِ قيمتِهِ بطلَ الفضل

ففي «الوقاية» اختارَ هذا؛ لأنَّ الصُّلْحَ إن جُعِلَ منه فُرْقة، فالعوضُ لم يُشرعْ إلاَّ من جانبِها، وإن لم يجعلْ، فالبدلُ لا يقعُ في مقابلةِ شيء.

(ولا عن دعوى حدٍّ): لأنَّه حقُّ الله تعالى، (ولا إذا قتلَ مأذونٌ آخر عمداً، وصالحَ عن نفسِه)؛ لأنَّ رقبتَهُ ليست من تجارتِه، فلا يجوزُ له التَّصرُّف فيها.

(وصحَّ صلحُهُ عن نفسِ عبدٍ له قتلَ رجلاً عمداً)؛ لأنَّ عبدَهُ من كسبِهِ فيصحُّ تصرُّفُه فيه واستخلاصُه.

(والصُّلحُ عن مغصوبٍ تَلِفَ بأكثرَ من قيمتِه، أو عرض)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما: لا يصحُّ بأكثر من قيمتِه إلا أن يكون زيادةً يتغابنُ النَّاسُ فيها؛ لأنَّ حقَّهُ في القيمة، فالزَّائدُ ربا. وله: أنَّ حقَّه في الهالكِ باق، فاعتياضُهُ بأكثر لا يكونُ ربا، فإن الزَّائد على المالية في مقابلة الصورة (١).

(وفي موسرٍ أعتقَ نصفاً له، وصالحَ عن باقيه بأكثرَ من نصفِ قيمتِهِ بطلَ الفضل) هذا بالاتّفاق، أمَّا عندهما فظاهر، وأمَّا عنده (٢)؛ فلأن القيمةَ منصوصٌ عليها هاهنا فلا يجوزُ الزِّيادةُ عليها، وثمَّة غيرُ منصوص عليها، (ولو صالحَ بعَرَضٍ صَحَّ): وإن كان قيمتُهُ أكثرَ من قيمةِ نصفِ العبد.


(١) أي إن حقه في الهالك باق ما لم يحكم القاضي بالضمان حتى إذا ترك التضمين بقي العبد هالكاً على ملكه حتى يكون الكفن عليه، فاعتياضه بأكثر من قيمته لا يكون ربا؛ إذ الزائد على المالية يكون في مقابلة الصورة الباقية حكماً لا القيمة حتى لو قضى القاضي بالقيمة ثم تصالحا على الأكثر لم يجز؛ لأن الحقَّ قد انتقل بالقضاء إلى القيمة، وكذا الصلح بعرض صح وإن كان قيمته أكثر من قيمة مغصوب تلف لعدم الربا. ينظر: «الدرر» (٢: ٣٩٩).
(٢) يعني وأمّا عند الإمام - رضي الله عنه - فوجه بطلانِ ذلك الفضل أنّ قيمةَ العتقِ منصوصٌ عليها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن أعتق شقصاً من عبد مشترك بينه وبين شريكه، قوّم عليه نصيب شريكه» [في البخاري (٢: ٨٨٢) بلفظ قريب منه]، وتقريرُ الشرعِ ليس أدنى من تقريرِ القاضي، فلا يجوزُ الزيادةُ عليه بخلاف المسألةِ المتقدّمة، فإنَّ القيمةَ ثمة غيرُ منصوص عليها، فلم يعتبرْ فيه دلالةُ التقدير. ينظر: «الزبدة» (٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>