للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي صحَّةِ الصُّلْحِ عن تركةٍ جُهِلَت على مكيل أو موزون اختلافٌ، ولو جُهِلَتْ وهي غيرُ المكيلِ والموزونِ في يدِ البقيَّةِ صحَّ في الأصح، (وبطلَ الصُّلحُ والقسمةُ مع دينٍ محيطٍ للتَّركة. ولا يصالحُ قبل القضاءِ في غيرِ محيط، ولو فعلَ قالوا صحَّ، ووُقِفَ قَدْرُ الدَّين، وقُسِّمَ الباقي استحساناً، ووَقْفُ الكلِّ قياساً

(وفي صحَّةِ الصُّلْحِ عن تركةٍ جُهِلَت على مكيل أو موزون اختلافٌ)، فعند بعضِ المشايخ (١) - رضي الله عنهم -: لا يجوزُ لشبهةِ الرِّبا، وعند البعضِ (٢): يجوز؛ لأنَّ هاهنا شُبْهةَ شُبْهة الربا، ولا اعتبار لها؛ لأنّه يحتملُ أن يكونَ في التَّركةِ من جنسِ بدلِ الصُّلح، وعلى تقديرِ أن يكونَ (من جنسِهِ) (٣) يَحتملُ أن يكونَ زائداً على بدلِ الصُّلح، واحتمال الاحتمال يكون شُبهة الشُّبْهة.

(ولو جُهِلَتْ وهي غيرُ المكيلِ والموزونِ في يدِ البقيَّةِ صحَّ في الأصح)، وجهُ عدم الصِّحّة: أن هذا الصُّلْحَ بيعٌ لا إبراء؛ لأنَّ البراءةَ عن الأعيانِ لا يجوز، وإذا كان بيعاً، فأحدُ البدلين مجهول، فلا يصحُّ. وجهُ الصَّحةِ: أن التَّركةَ إذا كانت في يدِ بقيَّةِ الورثة، فالجهالةُ لا تُفْضِي إلى المنازعة فيجوز.

(وبطلَ الصُّلحُ والقسمةُ مع دينٍ محيطٍ للتَّركة (٤) (٥).

ولا يصالحُ قبل القضاءِ في غيرِ محيط، ولو فعلَ قالوا صحَّ): أي لا ينبغي أن لا يصالحَ قبل قضاءِ الدَّينِ في دينٍ غير محيط، ولو صولح، فالمشايخ - رضي الله عنهم - قالوا: صحَّ؛ لأنَّ التَّركةَ لا يخلو عن قليلِ دين، والدائنُ قد يكون غائباً، فلو جُعِلَتِ التَّركةُ موقوفةً يتضرَّرُ الورثة، والدَّائنُ لا يتضرَّر؛ لأنَّ على الورثةِ قضاءَ دينِه، (ووُقِفَ قَدْرُ الدَّين، وقُسِّمَ الباقي استحساناً، ووَقْفُ الكلِّ قياساً)، وجهُ القياسِ: أن الدَّينَ يتعلَّقُ بكلِّ جزءٍ من التَّركةِ، ووجهُ الاستحسانِ لزومُ ضرَّر الورثة.


(١) وهو قول الإمام ظهير الدين المَرْغِينانِيّ. ينظر: «الكفاية» (٧: ٤١٢).
(٢) وهو قولُ الفقيه أبى جعفر الهِنْدُوانِيُّ - رضي الله عنه -، وهو الصحيح. ينظر: «التبيين» (٥: ٥٢)، و «الشرنبلالية» (٢: ٤٠٣).
(٣) زيادة من أ.
(٤) زيادة من ب و م. ولكنها في ب: والتركة.
(٥) لأن التركة لم يتملكها الوارث إلا أن يضمن الوارث الدين بشرط أن لا يرجع في التركة أو يضمن أجنبي بشرط براءة الميْت. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>