للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويرجعُ المعيرُ فيها متى شاء، ولا يُضَمِّنُ بلا تعدٍّ إن هَلَكَت، ولا تؤجَّر، فإن أجَّرَها فعَطِبَت ضمَّنَه المعيرُ قيمته، ولا يرجعُ على أحد، أو المستأجِرَ، ويرجعُ على مؤجِّره إن لم يعلمْ أنَّه عاريةً معه، ويعارُ ما اختلفَ استعمالُهُ أو لا إن لم يعيِّنْ منتفعاً، وما لا يختلفُ إن عيَّن، وكذا المؤجِّر

(ويرجعُ المعيرُ فيها متى شاء، ولا يُضَمِّنُ بلا تعدٍّ إن هَلَكَت) (١)، هذا عندنا، وعند الشَّافِعِيِّ (٢) - رضي الله عنه - العاريةُ مضمونة.

(ولا تؤجَّر): لأنَّ الشَّيءَ لا يستتبعُ ما فوقَه، (فإن أجَّرَها فعَطِبَت ضمَّنَه المعيرُ قيمته (٣)، ولا يرجعُ على أحد، أو المستأجِرَ)، بالنَّصبِ عطفٌ على الضَّميرِ المنصوبِ في ضمَّنَه، (ويرجعُ على مؤجِّره إن لم يعلمْ أنَّه عاريةً معه)، إن لم يعلمْ المستأجِرُ أنَّه عاريةٌ مع مؤجِّره، وإنِّما يرجعُ عليه للغرور بخلافِ ما إذا عَلِمَ إذ لا غرورَ من المؤجِّر.

(ويعارُ ما اختلفَ استعمالُهُ أو لا (٤) إن لم يعيِّنْ منتفعاً، وما لا يختلفُ إن عيَّن): أي إن أعارَ شيئاً ولم يعيِّنْ مَن ينتفعُ به، فللمستعيرِ أن يعيرَهُ سواءٌ اختلفَ استعمالُهُ كركوبِ الدَّابة، أو لم يختلفْ كالحملِ على الدَّابة، وإن عيَّنَ مَن ينتفعُ به، فإن لم يختلفْ استعمالُهُ يعيرُه، وإن اختلفَ لا.

(وكذا المؤجِّر): أي إذا أجَّر شيئاً، فإن لم يُعَيِّن مَن ينتفعُ به فللمستأجِّر أن يعيرَهُ سواءٌ اختلف استعمالُهُ أو لا، وإن عيَّن يُعِيرُ ما لا يختلف استعمالُه لا ما اختلف، وعند الشَّافِعِيِّ (٥) - رضي الله عنه - ليس للمستعيرِ الإعارة؛ لأنَّ العاريةَ عنده إباحةُ الانتفاع، والمباحُ له لا يملكُ الإباحة، وعندنا: هي تمليكُ المنافع، فالمستعيرُ لَمَّا مَلَكَ المنافعَ كان له أن يملِّكَها


(١) لأنّه إذا تعدّى ضمنَ إجماعاً، كما لو استعارها ليركبها فحبسَها، وكذا لو استعارَ ثوراً ليحرث أرضه فقرنه بثورٍ أعلى منه ولم تجرِ العادة بذلك فهلك، ولو تركَه يرعى في المرجِ فضاع، إن كانت العادةُ هكذا لا ضمان، وإن لم يعلم، أو كانت العادةُ مشتركة ضمن. ينظر: «البحر» (٧: ٢٨١).
(٢) ينظر: «النكت» (ص ٥٧٣)، وغيرها.
(٣) زيادة من أ.
(٤) أي لم يختلف استعمال. ينظر: «فتح باب العناية» (٢: ٤٥١)،
(٥) ينظر: «النكت» (ص ٥٧٧)، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>