للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كردِّ مستعارٍ غير نفيسٍ إلى دار مالكِه بخلاف ردِّ الوديعةِ والمغصوبِ إلى دارِ مالكِهما، وعاريةُ النَّقدين، والمكيل، والموزون، والمعدود قرض، وصحَّ إعارةِ الأرضِ للبناءِ والغرسِ، وله أن يرجعَ عنها ويكلِّفَ قلعَهما ولا يضمن إن أطلق، وضَمِنَ ما نَقَصَ بالقلعِ إن وقَّت، وكُرِهَ الرجوعُ قبلَه، ولو أعارَ للزَّرع لا يُؤخَذُ حتى يُحْصَد وَقَّتَ أو لا

(كردِّ مستعارٍ غير نفيسٍ إلى دار مالكِه)، فإنّ هذا تسليمٌ بخلافِ المستعارِ النَّفيسِ كالجواهرِ حيث لا يردُّ إلا إلى المعير، (بخلاف ردِّ الوديعةِ والمغصوبِ إلى دارِ مالكِهما)، فإنّ هذا لا يكونُ تسليماً، بل لا بُدَّ من الرَّدِّ إلى المالك.

(وعاريةُ النَّقدين، والمكيل، والموزون، والمعدود قرض)؛ لأنَّهُ لا ينتفعُ بهذه الأشياءِ إلا بالاستهلاكِ إلاَّ إذا عيَّنَ الانتفاعَ كاستعارةِ الدَّراهم ليعيِّرَ بها الميزان، أو يُزيِّنَ الدُّكان (١)، وفائدةُ كونِها قرضاً أنَّها لو هَلَكَتْ في يدِ المستعيرِ قبل الانتفاعِ تكونُ مضمونة.

(وصحَّ إعارةِ الأرضِ للبناءِ والغرسِ، وله أن يرجعَ عنها ويكلِّفَ (٢) قلعَهما ولا يضمن إن أطلق): أي لا يَضْمَنُ المعيرُ ما نَقَصَ من البناءِ والغرسِ بالقلع، إن كانت الإعارةُ مطلقةً: أي غيرُ مؤقَّتة.

(وضَمِنَ ما نَقَصَ بالقلعِ إن وقَّت): أي وقَّتَ الإعارة، ورجعَ عنها قبل ذلك الوقت، وإنِّما يضمنُ للغرور، وفي صورةِ الإطلاق ما غرَّه، بل اغترَّ المستعير، واعتمد على الإطلاق، (وكُرِهَ الرجوعُ قبلَه): أي قبل الوقت؛ لأنَّ فيه خلفَ الوَعْد.

(ولو أعارَ للزَّرع لا يُؤخَذُ حتى يُحْصَد (٣) وَقَّتَ أو لا)؛ لأنَّ للزَّرْعِ نهايةً معلومة، ففي التَّركِ مراعاةُ الحقَّيْن بخلافِ الغرسِ إذ ليس لهم نهايةٌ معلومة.


(١) بأن استعارَ دراهم كثيرةً فوضعها على الدكّان حتى يظنَّ الناسَ غناه فيعاملوا معه. ينظر: «الزبدة» (٣: ٢٩٦).
(٢) أي ويكلِّفُ المعيرُ المستعيرَ بقلعِ البناء والغرس؛ لأنّه شغل أرض المعير بهما، فيؤمرُ بالتفريغ إلا إذا شاء أن يأخذَهما بقيمتهما، فيما إذا كانت الأرضُ تستضرّ بالقلع، بخلاف ما إذا كانت لا تستضرّ بالقلع، حيث لا يجوزُ الترك إلا باتّفاقهما. ينظر: «الرمز» (٢: ١٨٣)، «التبيين» (٥: ٨٨).
(٣) بل يترك في يده بطريق الإجارة بأجر المثل كيلا تفوت منفعة أرضه مجاناً. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>