للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كمشاعٍ لا يُقْسَمُ، لا فيما يُقْسَم، فإن قُسِمَ وسُلِّمَ صحّ، فإن وَهَبَ دقيقاً في بُرّ، أو دُهْناً في سمسم لا، وإن طَحَن، أو أخرجَ وسَلَّم، وكذا السَّمْنُ في اللَّبْن، وهبةُ لَبَنٍ في ضرع، وصوفٍ على ظهر غَنَم، وزَرْعٍ ونخلٍ في أرض، وتمرٍ في نخيلٍ كالمشاع، وتَمَّ هبةُ ما مع الموهوبِ له بلا قبضٍ جديد، وما وهبَ لطفلِهِ بالعقد، وما وهبَ

الواهبُ صريحاً، (كمشاعٍ لا يُقْسَمُ) (١): متعلِّقٌ بقولِهِ فتصح، والمرادُ به أنَّه (٢) إذا قُسِمَ لا يبقى منفعة، كالرَّحى، والحمَّام، والبيتِ الصَّغير، (لا فيما يُقْسَم): أي لا تصحُّ الهبةُ في مشاعٍ لو قُسِمَ يبقى منفعتُه عندنا، خلافاً للشَّافِعِيّ (٣) - رضي الله عنه -.

وهذا الخلافُ مبنيٌّ على اشتراطِ القبض، هو يقول المشاعُ محلٌّ للقبض كما في البيعِ ونحوه، ونحن نقول: القبضُ منصوصٌ عليه هاهنا فلا بُدَّ من كمالِه.

ولا فرقَ عندنا بين أن يُهَبَ من الشَّريك أو من الأجنبيّ، والمفسدُ هو الشُّيُوع المقارن، لا الشُّيُوع الطَّارئ، كما إذا وَهَب، ثُمَّ رَجَعَ في البعضِ الشَّائع أو استحقَّ البعضَ الشَّائع (٤)، بخلافِ الرَّهن، فإنَّ الشُّيُوعَ الطَّارئ مفسد.

(فإن قُسِمَ وسُلِّمَ صحّ): أي إذا وَهَبَ النِّصفَ المشاع، ثُمَّ قُسِمَ وسُلِّمَ صحّ؛ لأنَّ تمامَها بالقبضِ عندنا، وعند القبضِ لا شيوع، (فإن وَهَبَ دقيقاً في بُرّ، أو دُهْناً في سمسم لا، وإن طَحَن، أو أخرجَ وسَلَّم، وكذا السَّمْنُ في اللَّبْن)، إنِّما لا يجوزُ لأنَّ الموهوبَ معدومٌ وقتَ الهبة بخلافِ المشاع، (وهبةُ لَبَنٍ في ضرع، وصوفٍ على ظهر غَنَم، وزَرْعٍ ونخلٍ في أرض، وتمرٍ في نخيلٍ كالمشاع): أي لا يجوزُ هذه الهبات، لكن إن فُصِلَتْ هذه الأشياءُ عن ملكِ الواهب، وقبضَ تصحّ.

(وتَمَّ هبةُ ما مع الموهوبِ له بلا قبضٍ جديد، وما وهبَ لطفلِهِ بالعقد، وما وهبَ


(١) أي ليس من شأنه أن يقسم بمعنى لا يبقى منتفعاً به بعد القسمة أصلاً كعبد ودابة، ولا يبقى منتفعاً به بعد القسمة من جنس الانتفاع الذي كان قبل القسمة كالبيت والحمام. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٣٥٦).
(٢) ساقطة من ص و ف. وفي ب و م: ما.
(٣) ينظر: «النكت» (ص ٦٧١)، وغيرها.
(٤) والعبرة في الشيوع وقت القبض لا وقت العقد، حتى لو وهب مشاعاً وسلَّم مقسوماً يجوز، وكذا لو وهب نصف الدار ولم يُسَلِّم ثم وهب النصف الآخر وسلَّمه جازت الهبة، أو وهب تمراً في نخل أو زرعاً في أرض ثم سَلَّم بعد ذلك مفرزاً يجوز. ينظر: «البناية» (٧: ٨٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>