للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يصحُّ إلا بتراضٍ أو بحكم قاض، فلو أعتقَ الموهوبُ له بعد الرُّجوعِ قبل القضاءِ صحَّ، ولو منعَه، فهَلَكَ لم يضمن، وهو مع أحدِهما، فسخٌ من الأصلِ لا هبةٌ للواهب، فلم يشترطْ قبضُه، وصحَّ في المشاع. فإن تَلِفَ الموهوبُ، فاستحقَّ فضمِنَ الموهوبُ له لم يرجعْ على واهبِه، وهي بشرطِ العوضِ هبةٌ ابتداءً، فشرط قبضِهما في العوضين، وتبطلُ بالشُّيُوع، بيعٌ انتهاءً، فيردُّ بالعيب، وخيار الرُّؤية، وتثبت الشُّفعة

وكذا إذا لم يبعْ شيئاً، فللواهبِ حقُّ الرُّجُوع؛ لأنَّ له الرُّجوعَ في الكلّ، ففي النِّصفِ أولى.

(ولا يصحُّ إلا بتراضٍ أو بحكم قاض، فلو أعتقَ الموهوبُ له بعد الرُّجوعِ قبل القضاءِ صحَّ): أي أعتقَ الموهوبُ له الموهوبَ، (ولو منعَه، فهَلَكَ لم يضمن): أي منعَ الموهوبُ له الموهوب عن الواهبِ بعدما رجع لكن لم يقضِ القاضي فهلكَ الموهوبُ في يدِ الموهوب له لا يضمن، وكذا إن هَلَكَ في يدِه بعد قضاء القاضي؛ لأنَّ يدَه غيرُ مضمونة؛ إلاَّ إذا طلبَه فمنعَه مع القدرة على التَّسليم.

(وهو مع أحدِهما): أي الرُّجوعُ مع التَّراضي، أو قضاءِ القاضي، (فسخٌ من الأصلِ لا هبةٌ للواهب، فلم يشترطْ قبضُه، وصحَّ في المشاع.

فإن تَلِفَ الموهوبُ): أي في يدِ الموهوبِ له، (فاستحقَّ فضمِنَ الموهوبُ له لم يرجعْ على واهبِه)؛ لأنَّ الهبةَ عقدُ تَبَرُّع، فلا يستحقُّ فيها السَّلامة.

(وهي بشرطِ العوضِ هبةٌ ابتداءً (١)، فشرط قبضِهما في العوضين، وتبطلُ بالشُّيُوع): أي يجوزُ أنّ يكون: قبضهما؛ من باب إضافةِ المصدرِ إلى الفاعل، والمفعولُ محذوفٌ للدَّلالة، ويجوزُ أن يكونَ على العكس، (بيعٌ انتهاءً (٢)، فيردُّ بالعيب، وخيار الرُّؤية، وتثبت الشُّفعة)، هذا عندنا، وعند زُفَرَ - رضي الله عنه - والشَّافِعِيِّ (٣) - رضي الله عنه - هي بيعُ ابتداءً وانتهاء؛ لأنَّ الاعتبارَ للمعاني، قلنا: يشتمل على المعنيين، فيجمعُ بينهما ما أمكن.


(١) هذا إذا ذكره بكلمة: على؛ بأن يقول وهبت هذا العبد لك على أن تعوضني هذا الثوب، وأما إذا ذكره بحرف الباء بأن يقول وهبت لك هذا الثوب بعبدك هذا أو بألف درهم، وقبله الآخرُ يكون تبعاً ابتداءً وانتهاءً. ينظر: «درر الحكام» (٢: ٢٤٤).
(٢) أي في انتهاء العقد بعد التقابض. ينظر: «الدر المنتقى» (٢: ٣٦٤).
(٣) ينظر: «التنبيه» (ص ٩٤)، و «النكت» (ص ٦٧٧)، وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>