للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والملاهي، وعسب التيس، ويُفْتَى اليوم بصحَّتِها؛ لتعليم القرآن، والفقه، ويجبرُ المستأجِرُ على دفعِ ما قَبِل، ويحبس به، وعلى الحَلْوَةِ المرسومة، ولا إجارةُ المشاعِ الإ من الشَّريك، ولو دفعَ إلى آخرَ غزلاً لينسجَهُ بنصفِه، أو استأجرَ حماراً يحملُ عليه زاداً ببعضِه، أو ثوراً ليطحنَ بُرَّاً له ببعضِ دقيقِه

والملاهي، وعسب (١) التيس، ويُفْتَى اليوم بصحَّتِها؛ لتعليم القرآن، والفقه)، والأصل عندنا: أنّه لا يجوزُ الإجارةِ على الطَّاعات والمعاصي، لكن لَمَّا وقعَ الفتورُ في الأمورِ الدِّينية يُفْتَى بصحَّتِها لتعليم القرآن (٢) والفقه تحرُّزاً عن الاندراس (٣).

(ويجبرُ المستأجِرُ على دفعِ ما قَبِل، ويحبس به، وعلى الحَلْوَةِ المرسومة)، الحَلوةِ بفتحِ الحاء الغيرِ المعجمة، هديةٌ يهدى إلى المعلمين على رؤوسِ بعضِ سورِ القرآن، سمَّيتْ بها؛ لأنَّ العادةَ إهداءُ الحلاوى، وهي لغةٌ يستعملها أهلُ ما وراءَ النَّهر.

(ولا إجارةُ المشاعِ الإ من الشَّريك)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وقالا: تصحُّ إجارةُ المشاعِ من الشَّريكِ ومن (٤) غيره.

(ولو دفعَ إلى آخرَ غزلاً لينسجَهُ بنصفِه، أو استأجرَ حماراً يحملُ عليه زاداً ببعضِه، أو ثوراً ليطحنَ بُرَّاً له ببعضِ دقيقِه) هذا يسمَّى قفيزَ الطَّحان، وقد نهى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) عسبَ الفحلُ الناقةَ عسباً: طرقها؛ وسبب النهي أنَّ ثمرتَه المقصودة غير معلومة، فإنّه قد يلقّح وقد لا يلقّح فهو غرر. ينظر: «المصباح المنير» (٢: ٦٢٥).
(٢) فبعض المشايخ استحسنوا الاستئجار على تعليم القرآن اليوم لظهور التواني في الأمور الدينية، ففي الامتناع تضييع حفظ القرآن، وعليه الفتوى. وتمامه في «استحسان الاستئجار على تعليم القرآن» (ص ٢٢٧). وقالو: إنما كره تعليم القرآن بالأجر في الصدر الأول؛ لأن حملة القرآن كانوا قليلاً، فكان التعليم واجباً، حتى لا يذهب القرآن، فأما في زماننا كثر حلمة القرآن، ولم يبق التعليم واجباً فجاز الاستئجار عليه. ينظر: «المحيط» (ص ١٥١).
(٣) اقتصرَ صاحب «الهداية» (٣: ٢٤٠) على استثناءِ تعليمِ القرآن، وزادَ بعضهم الإمامة والأذان، وبعضهم الإقامة والوعظ والتدريس، وقد اتَّفقت كلمتهم على التعليم للضرورة، وعلى التصريحِ بأصلِ المذهب، وهو عدمُ الجواز، فهذا دليلٌ على أنَّ المفتى به ليس هو جواز الاستئجار على كلِّ طاعة، بل على ما ذكروه فقط ممّا فيه ضرورةٌ ظاهرةٌ تبيح الخروج عن أصل المذهب من طرقِ المنع. ينظر: «رد المحتار» (٥: ٣٤ - ٣٥).
(٤) من: زيادة من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>