للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يكرى أنهارها، أو يُسَرْقِنَها، أو يزرعها، بزراعةِ أرضٍ أخرى فسدت، بخلافِ استئجارها على أن يكربَها ويزرعَها، أو يسقيها ويزرعَها، فإن لم يذكرْ زراعتها، أو ما يزرعُ فيها لم يصحّ إن لم يعمّه، فإن زرعَها ومضى الأجلُ عاد صحيحاً، ومَن استأجر جملاً إلى مِصْر، ولم يسمِّ حملَه، وحملَ المعتادَ فنفقَ لم يضمن

(أو يكرى أنهارها)، ذكرَ أنَّ المرادَ الأنهارُ العظام (١)، فإنَّ منفعةَ كريها تبقى بعدَ انقضاءِ العقدِ بخلافِ الجداول، (أو يُسَرْقِنَها)، فإنَّ منفعتَهُ تبقى بعد انقضاءِ العقد.

(أو يزرعها، بزراعةِ أرضٍ أخرى فسدت): أي استأجرَ أرضاً ليزرعَها، ويكون الأجرةُ أن يزرعَ المؤجِّرُ أرضاً أخرى هي للمستأجر، لا يجوزُ عندنا، وعند الشَّافعيِّ (٢) - رضي الله عنه - يجوز، لأنَّ المنافعَ بمَنْزلةِ الأعيانِ عنده، ولنا: أنّ الجنسَ بانفرادِهِ يحرِّمُ النَّسَاء عندنا، كبيعٍ ثوبٍ هرويٍّ بمثلِه، وأحدهما نسيئة. وقوله: فسدتْ جوابُ الشَّرطِ، وهو قوله: ولو دفع … إلى آخرِه.

(بخلافِ استئجارها على أن يكربَها ويزرعَها، أو يسقيها (٣) ويزرعَها)، فإنّه يصحُّ؛ لأنَّ هذا شرطٌ يقتضيه العقد، (فإن لم يذكرْ زراعتها، أو ما يزرعُ فيها لم يصحّ (٤) إن لم يعمّه)، بأن قال: ازرعْ فيها ما شئت، وهذا بخلافِ الدَّار، فإن استئجارَها يقع على السُّكنى على ما مرّ.

(فإن زرعَها ومضى الأجلُ عاد صحيحاً)، وهو إستحسانٌ ووجهه: أنَّ الجهالةَ قد ارتفعت قبلَ تمامِ العقد، وعندَ محمَّد - رضي الله عنه - لا يعودُ صحيحاً وهو القياس.

(ومَن استأجر جملاً إلى مِصْر، ولم يسمِّ حملَه، وحملَ المعتادَ فنفقَ لم يضمن)؛


(١) أي أن يحفر الأنهار العظام. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٣٨٨).
(٢) ينظر: «النكت» (ص ٥٤٤)، وغيرها.
(٣) ساقطة من ص و ق، وفي ب و م: ليسقيها.
(٤) لأنّ استئجار الأرض قد يكون للزراعة وقد يكون لغيرها من البناء، ونصب الخيم ونحوها، وكذا ما يزرعُ فيها مختلف فبعضه أقلّ ضرراً بها من بعض، وهذا إذا لم يعمّم المؤجر، أمّا إذا عمّم بأن يقول: على أن تزرعَ ما شئت، فحينئذٍ يصحّ؛ لوجود الإذن منه. ينظر: «حاشية الطحطاوي» (٤: ٣٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>