للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصارَ كمعيرِ الرَّهن، ولم يرجعْ على الآخر، وقبولُ الغائبِ له لغو، فإن كوتبتْ أمةٌ وطفلانِ لها فقبلتْ فأيّ أدَّى لم يرجعْ وعتقوا

المسألة: أن يقول: كاتِبْني بألفٍ على نفسي وعلى فلان الغائب (١) ففعل وقبلَ الحاضر، فالقياسُ أن يصحَّ في حصَّة الحاضرِ وفي حصَّة الغائبِ يتوقَّفُ على قبوله، وجه الاستحسان: أنّ الحاضرَ أضافَ العقدَ إلى نفسِهِ فجعلَ نفسَهُ أصلاً، والغائبَ تبعاً فيصحُّ كما يصحُّ على الأولادِ بالتَّبعية فأيُّهما أدَّى قَبِلَ جبراً (٢)، أمَّا الحاضر؛ فلأنَّ كلَّ البدلِ عليه، وأمَّا الغائبُ؛ فلأنَّهُ ينالُ شرفَ الحريِّة، وإن لم يكنْ البدلُ عليه.

(فصارَ كمعيرِ الرَّهن)، صورتُه: استعارَ رجلٌ عيناً من غيرِهِ ليرهنَهُ بدينٍ عليه للآخر، فرهنَه، ثمَّ احتاجَ المعيرُ إلى استخلاصِ عينِه، فإنْ أدَّى الدَّينَ إلى المُرْتَهِن يجبرُ المُرْتَهِنُ على القبول، وإن لم يكنْ على معيرِ الرَّهن دين (٣)، وإنِّما هو على المستعير، وإن أدَّى الدَّين يرجع على المستعير به، وإن أدَّى بغير أمرِه، لأنَّه مضطرٌ إلى تخليصِ عينِه ولا يتمكّنُ إلا بأداء الدَّين.

(ولم يرجعْ على الآخر)؛ لأنَّهُ متبرِّعٌ في حقِّ الآخر، وإنِّما يرجعُ معيرُ الرَّهن؛ لأنَّه مضطرٌ في الأداءِ؛ لأنَّه يخافُ تَلَفَ مالِه في يدِ المُرْتَهِن، (وقبولُ الغائبِ له لغو)؛ لأن العقدَ نفذَ على الحاضر.

(فإن كوتبتْ أمةٌ وطفلانِ لها فقبلتْ فأيّ أدَّى (٤) لم يرجعْ وعتقوا)، كما في مسألة الأولى، (والله أعلم) (٥).


(١) زيادة من ب.
(٢) أي يجبرُ المولى على القبول، أمّا الحاضرُ؛ فلأنّ البدلَ عليه فيجبرُ المولى على قبوله عند أدائه، ويعتقُ الغائب أيضاً لدخوله في كتابةِ الحاضر تبعاً، كما في ولد المكاتبة، وأمّا إذا أدّى الغائب؛ فلأنّه ينالُ لهذا الأداءِ شرفَ الحريّة، فلا يكون بمنْزلةِ الأجنبيّ بل يكون بمنْزلة ولد المكاتبة. ينظر: «الكفاية» (٨: ١٣٠ - ١٣١).
(٣) زيادة من م.
(٤) أي أيّهم أدّى لم يرجع على صاحبه، ويجبرُ المولى على القبول؛ وذلك لأنَّ الأمّ إذا أدّت فقد أدّت ديناً على نفسها، وكلٌّ من الولدين إن أدّى فهو متبرّعٌ غير مضطر، وفي ذلك كلّه لا رجوع. كذا في «ذخيرة العقبى» (ص ٥٣٠).
(٥) زيادة من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>