للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن تركَ لداً من حرَّةٍ معتقةٍ وديناً يفي ببدلها، فجنى الولدُ وقضي به على عاقلةِ أمِّهِ لم يكن ذلك تعجيزاً لأبيه، وإن اختصمَ قومُ إمِّهِ وأبيهِ في ولائه، فقضي به لقومِ أمِّهِ فهو تعجيز، وطابَ لسيِّدِه ما أدَّى إليه من صدقةٍ فعجز، فإن جنى عبدٌ فكاتبَهُ سيِّدُهُ جاهلاً بها، فعجزَ أو مكاتبٌ فلم يقضِ به فعجزَ دفعَ أو فَدَى

(فإن تركَ ولداً من حرَّةٍ معتقةٍ وديناً يفي ببدلها، فجنى الولدُ وقضي به): أي بموجبِ الجناية، (على عاقلةِ أمِّهِ لم يكن ذلك تعجيزاً لأبيه)؛ لأنَّ هذا القضاءَ لا ينافي الكتابة؛ لأنَّ مقتضى الكتابةِ إلحاقُ الولدِ بموالي الأمّ، وإيجاب (١) العقل عليهم، لكن على وجهٍ يحتملُ أن يعتقَ الأب (٢) فينجرُّ الولاءُ إلى موالي الأب، وإنَّما قال: وديناً يفي؛ لأنَّهُ لو كان عيناً لا يتأتَّى القضاءُ بالإلحاقِ بالأمِّ؛ لأنَّه يمكنُ الوفاءُ في الحالّ.

(وإن اختصمَ قومُ إمِّهِ وأبيهِ في ولائه، فقضي به لقومِ أمِّهِ فهو تعجيز)؛ لأنَّ القضاءَ بكونِ ولاءِ الولدِ لموالي الأمّ، معناه: أنّ الأبَ ماتَ رقيقاً، وانفسخَ عقدُ الكتابةِ فيكون القضاءُ في فصلٍ مجتهدٍ فيه، فينفذُ فيه وتنفسخُ الكتابة.

(وطابَ لسيِّدِه ما أدَّى إليه من صدقةٍ فعجز): أي إذا لم يكن المولى مصرفاً للزَّكاة، فأخذَ المكاتبُ الزَّكاة؛ لكونهِ من المصارف، ثمَّ أدَّاهُ إلى المولى عن بدلِ الكتابة، ثمَّ عَجِزَ فظهرَ أنَّ المولى أخذَ الزَّكاة، وهو غنيّ، ومع ذلك يطيبُ له، لأنَّهُ أخذَهُ عوضاً عن العتقِ زمانَ الأخذ، والعبدُ قد أخذَهُ صدقة، وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لها صَدَقَة، وَلَنَا هَدِيَّة» (٣).

(فإن جنى عبدٌ فكاتبَهُ سيِّدُهُ جاهلاً بها): أي بالجناية، (فعجزَ أو مكاتبٌ فلم يقضِ به فعجزَ دفعَ أو فَدَى) (٤): أي جنى مكاتبٌ فلم يقضِ بموجبِ الجنايةِ فعجزَ خيِّرَ


(١) زيادة من أ و ب و م.
(٢) زيادة من ف.
(٣) من حديث أنس عائشة - رضي الله عنهم - في «صحيح البخاري» (٢: ٥٤٣)، و «صحيح مسلم» (٢: ٧٥٥)، ولفظه: «أهدت بريرة - رضي الله عنه - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لحماً تصدق به عليها، فقال: هو لها صدقة ولنا هدية
(٤) أي لو جنى المكاتب فعجز من الكتابة قبل القضاء بموجب الجناية؛ لأنه لما عجز صار قناً، وحكم جناية القنّ يخير فيه المولى بين الدفع والفداء، أما لو عجز بعدما قضى على المكاتب بموجب الجناية في حال كتابته فعجز فهو موجب الجناية دين على عليه ويباع العبد فيه لانتقال الحقّ من رقبته إلى قيمته بالقضاء. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>