للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلينا من العلوج أحداً فغصبتموني (١).

ولم يمنع عمر رضي الله عنه توكله على ربه عز وجل، وإيمانه المطلق بقضائه، وقدره وغلبة ظنه بحضور أجله، لم يمنعه ذلك من أن يعرض نفسه على الأطباء لعل أن يكون عندهم دواءٌ شافٍ.

فبعد أن طعن رضي الله عنه قال: أرسلوا إلي طبيباً ينظر إلى جرحي هذا، فأرسلوا إلى طبيب من العرب، فسقى عمر نبيذاً فشبه النبيذ بالدم حين خرج من الطعنة التي تحت السرة، فدعوا طبيباً آخر من الأنصار من بني معاوية، فسقاه لبناً، فخرج اللبن من الطعنة صلداً أبيض، فقال له الطبيب: يا أمير المؤمنين اعهد، فقال عمر: صدقني أخو بني معاوية، ولو قلت غير ذلك كَذَّبتُك (٢).

ولم يتمالك أهل عمر رضي الله عنه وأصحابه أنفسهم، وهم ينظرون عظم مصابه، وعظم المصاب به، فجاشت أعينهم بالدمع، وارتفعت أصواتهم بالبكاء عليه فنهاهم عمر رضي الله عنه عن ذلك، ولم يمنعه ما هو فيه من البلاء والمحنة، ومعاينة الموت من إرشادهم للصواب وبيان الحق الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.


(١) رواه الطبراني / مجمع البحرين للهيثمي ٦/ ٢٥٣ - ٢٥٥، ورجاله ثقات سوى مبارك بن فضالة صدوق وسند متّصل. فالسند حسن. وقد تقدم بسند صحيح في ص: ١٠٥١.
(٢) رواه أحمد / المسند ١/ ٤٢. صحيح.
قال: ثنا يعقوب، ثنا أبي عن صالح، قال ابن شهاب فقال سالم فسمعت عبد الله بن عمر يقول: قال عمر: أرسلوا لي طبيباً … الأثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>