للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الآثار المروية في ذلك والدالة على اتصاف عمر رضي الله عنه برقة القلب والخشوع، ما روي من أن عمر رضي الله عنه كان يعس المسجد بعد العشاء فلا يرى فيه أحداً إلا أخرجه، إلا رجلاً قائماً يصلي، فمر بنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم أبي بن كعب، فقال عمر: من هؤلاء؟ قال أبي: نفر من أهلك يا أمير المؤمنين، قال: ما خلفكم بعد الصلاة؟! قالوا: جلسنا نذكر الله، قال: فجلس معهم، ثم قال لأدناهم إليه: خذ، قال: فدعا فاستقرأهم رجلاً رجلاً يدعون، حتى انتهى إلي وأنا إلى جنبه، فقال: هات، فحصرت (١) وأخذني من الرعدة أفكل (٢)، حتى جعل يجد حس ذلك مني، فقال: ولو أن تقول اللهم اغفر لنا، اللهم ارحمنا، قال: ثم أخذ عمر يدعو، فما كان في القوم أكثر دمعة، ولا أشد بكاء منه، ثم قال: إيهاً، الآن فتفرقوا (٣).


(١) حصر الرجل: تعب، وقيل حصر: لم يقدر على الكلام، وحصره صدره ضاق. ابن منظور/لسان العرب ٣/ ٢٠٠.
(٢) أَفكل: على وزن أفعل، الرعدة، أفكل إذا أخذته رعدة، فارتعد من برد أو خوف. المصدر السابق ١٠/ ٣٠٩.
(٣) رواه ابن سعد / الطبقات ٣/ ٢٩٤، البلاذري / أنساب الأشراف ص ٢٣٦، ابن عساكر / تاريخ دمشق ص ٢٦٣، كلهم من طريق يزيد بن هارون السلمي وهو ثقة، ولكن روايته عن سعيد الجريري بعد اختلاطه. ابن الكيال / الكواكب النيرات ص ١٨٩، وفيه عندهم أبو سعيد مولى أبي أسيد، قال ابن حجر في الإصابة: ذكره ابن منده في الصحابة، ولم يذكر ما يدل على صحبته، لكن ثبت أنه أدرك أبا بكر الصديق رضي الله عنه، فالأثر ضعيف لاختلاط الجريري.

<<  <  ج: ص:  >  >>