بخطه: لينصفن هذا الدهقان أو لأبعثن من ينصفه، فقال الدهقان: لقد خبت وخسرت، أنفقت مالي، وأتعبت نفسي وتجشمت هذا السفر البعيد الشديد، ثم رجعت بقطعة جلد من صحيفة، وهم أن يلقيها، فلما صار إلى العامل، ودفعها إليه، قام على رجليه، فلم يجلس حتى أنصفه، فقال الدهقان: هذا والله الملك، وهذه الطاعة، لا ما كنا فيه (١).
ومن مراقبة عمر رضي الله عنه لعماله وولاته محاسبته لهم في مصادر أموالهم ومواردها حرصاً منه رضي الله عنه على أموال المسلمين وعلى أرزاق ولاته أن تكون مباحة لا تشوبها شائبة من مال حرام، فكان رضي الله عنه يقبض أموال ولاته إذا استكثرها حتى يستوثق من شرعية مصادرها.
استعمل عمر رضي الله عنه أبا هريرة على البحرين، فقدم على عمر رضي الله عنه ومعه عشرة آلاف، فقال له عمر: استأثرت بهذه الأموال يا عدو الله وعدو كتابه، فقال أبو هريرة رضي الله عنه: لست بعدو الله ولا عدو كتابه، ولكني عدو من عاداهما.
(١) رواه البلاذري/ أنساب الأشراف ص ٢٣٧، ٢٣٨، ورجال إسناده ثقات سوى بكر بن الهيثم، شيخ البلاذري لم أجد له ترجمة، وفيه سعيد بن المسيب مختلف في سماعه من عمر.