للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمشركين، فأخذت في حديث آخر لأشغله، فقال: ما فعل النفر من بكر ابن وائل؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، قوم ارتدوا عن الإسلام، ولحقوا بالمشركين، ما سبيلهم إلا القتل، فقال عمر: لأن أكون أخذتهم سلماً أحب إلي مما طلعت عليه الشمس من صفراء أو بيضاء، قال: قلت: يا أمير المؤمنين، وما كنت صانعاً بهم لو أخذتهم، قال: كنت عارضاً عليهم الباب الذي خرجوا منه أن يدخلوا فيه، فإن فعلوا ذلك قبلت منهم، وإلا استودعتهم السجن (١).

ولعلّ عمر رضي الله عنه فعل بهم ذلك، لأنه علم أنهم قد غرر بهم وأنهم ارتدوا بسبب جهلهم وقلة علمهم، وأن استوداعهم السجن مع وعظهم وإرشادهم سبب في عودتهم ورجوعهم إلى الحقّ.

لأن عمر رضي الله عنه كان له موقف آخر من مرتدّين آخرين وهو قتلهم مباشرة إن لم يتوبوا.

فقد كتب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إليه في قوم من أهل العراق ارتدوا، فكتب إليه: أن اعرض عليهم دين الحق، وشهادة أن لا إله إلا الله، فإن قبلوها، فخل عنهم، وإن لم يقبلوها، فاقتلهم، فقبلها بعضهم فتركه، ولم يقبلها بعضهم فقتله (٢).


(١) رواه عبد الرزاق / المصنف ١٠/ ١٦٤، ١٦٥، ابن أبي شيبة / المصنف ٦/ ٤٣٨، صحيح من طريق عبد الرزاق. قال: عن الثوري عن داود عن الشعبي عن أنس رضي الله عنه قال: بعثني … الأثر.
(٢) رواه عبد الرزاق / المصنف ١٠/ ١٦٨، صحيح. قال: عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه، قال: أخذ ابن مسعود قوماً ارتدّوا … الأثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>