للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء عن عمر رضي الله عنه أيضاً التلطف مع شارب الخمر أملاً في عودته للحقّ وحرصاً على عدم نفوره من الحقّ ولحاقه بأهل الفسق والكفر.

فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: كنت مع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في حج أو عمرة، فإذا نحن براكب، فقال عمر رضي الله عنه: أرى هذا يطلبنا، فجاء الرجل، فبكى فقال عمر: ما شأنك؟ إن كنت غارماً أعناك، وإن كنت خائفاً أمناك، إلا أن تكون قتلت نفساً، فتقتل بها، وإن كنت كرهت جوار قوم حولناك عنهم، قال: إني شربت الخمر، وأنا أحد بني تميم، وإن أبا موسى جلدني، وحلقني، وسود وجهي، وطاف بي في الناس، وقال: لا تجالسوه، ولا تؤاكلوه، فحدثت نفسي بإحدى ثلاث، إما أن أتخذ سيفاً فأضرب به أبا موسى، وإما أن آتيك فتحولني إلى الشام، فإنهم لا يعرفوني، وإما أن ألحق بالعدو، وآكل معهم وأشرب، فبكى عمر رضي الله عنه وقال: ما يسرني أنك فعلت وإن لعمر كذا وكذا، وإني كنت لأشرب الناس لها في الجاهلية، وإنها ليست كالزنى، وكتب إلى أبي موسى: سلام عليك أما بعد، فإن فلان بن فلان التميمي أخبرني بكذا وكذا، وايم الله لئن عدت لأسودن وجهك، ولأطوفن بك في الناس، فإن أردت أن تعلم صدق ما أقول لك فعد، وأمر الناس أن يجالسوه ويؤاكلوه وإن تاب قبلت شهادته، وحمله وأعطاه مائتي درهم (١).


(١) تقدم الكلام عليه في ص: ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>