وبكى، ثم قال: والله لو وضعت الشمس في يميني والقمر في يساري، ما تركت هذا الأمر أبدا حتى أنفذه أو أهلك في طلبه إلى الطاعة لربي. فلما رأى أبو طالب ما بلغ قوله من رسول الله ﷺ، قال: يا ابن أخى، امض لأمرك وافعل ما أحببت، فو الله لا أسلمك لشيء أبدا. فلما رأت قريش أنهم قد أعذروا إلى أبي طالب، وأن رسول الله ﷺ قائم بأمر ربه، أبت أن تقاره. وأظهروا العداوة لبني عبد المطلب ومباينتهم. وأقسموا بالله: لنقتلن النبي ﷺ سرا أو علانية. فلما رأى أبو طالب أنهم عازمون على ذلك، خاف على ابن أخيه، ثم انطلق بهم فأقامهم بين أستار الكعبة، فدعوا على ظلمة قومهم. واجتمعت قريش على أمرها. فقال أبو طالب:
اللهم إن قومنا قد آبوا إلى البغي، فعجل نصرنا وحل بينهم وبين قتل ابن أخي.
وقالت قريش: لا صلح بيننا وبين بني هاشم وبني المطلب، ولا رحم، ولا إل، ولا حرمة إلا على قتل هذا الرجل الكذاب السفيه. وعمد أبو طالب إلى الشعب بابن أخيه وبني هاشم وبني المطلب بن عبد مناف. وكان أمرهم واحدا. وقال:
نموت من عند آخرنا قبل أن يوصل إلى رسول الله ﷺ. فلما دخل أبو طالب شعب أبي طالب، خرج أبو لهب إلى قريش فظاهرهم على بني عبد المطلب. ودخل الشعب من كان من هؤلاء مؤمنا أو كافرا.
٥٥١ - وقال الواقدي في غير هذا الحديث وبغير هذا الإسناد: دخل المسلم لإسلامه ودينه، والكافر حمية أن يضام وقومه. فأقاموا على ذلك ما شاء الله حتى نالتهم الخصاصة في شعبهم، لأنهم حالوا بينهم وبين أن يتبايعوا شيئا أو يبيعوا، حتى فرج الله ﷿ ذلك.
٥٥٢ - قالوا: ولقي أبو لهب هند بنت عتبة، حين خرج من الشعب مظاهرا لقريش، فقال: يا بنت عتبة، هل نصرت اللات والعزى؟ قالت: نعم، فجزاك الله خيرا يا أبا عتبة. ويقال: إنه قال ذلك لها في وقت قبل هذا.