في ذي الحجة سنة اثنتين. وسببها أن أبا سفيان بن حرب حرم على نفسه الدهن حتى يثأر من رسول الله ﷺ وأصحابه، بمن أصيب من المشركين يوم بدر. فخرج في مائتي راكب، ويقال في أربعين راكبا. وسار إلى بني النضير ليلا، فطرق ومن معه حيي بن أخطب اليهودي، ليخبره من أخبار رسول الله ﷺ بما أحب معرفته. فأبي أن يفتح لهم. وطرقوا سلام بن مشكم، ففتح لهم، وقراهم، وسقى أبا سفيان خمرا. فلما كان السحر، خرج أبو سفيان ومن معه، فلقي رجلا من الأنصار في حرث له، فقتله. وقتل أجيرا له كان معه. وحرق بعض حرثهما. ورأى أن يمينه قد حلت، فمضى هاربا، وخاف الطلب. وبلغ رسول الله ﷺ خبره، فندب أصحابه. فخرج وخرجوا يريدونه. وجعل أبو سفيان وأصحابه يتخففون ويلقون جرب السويق، وهي عامة أزوادهم. فجعل المسلمون يمرون بها فيأخذونها. فسميت الغزاة ذات السويق. ولم يلق رسول الله ﷺ فيها كيدا. وفي سلام بن مشكم يقول أبو سفيان بن حرب (١):
سقاني فرواني كميتا مدامة … على ظمأ مني سلام بن مشكم
فداك أبو عمرو يجود وداره … بيثرب مأوى كل أبيض خضرم
وقال بعضهم: كانت كنية سلام «أبا الحكم»، ويروى هذا البيت:
أبو الحكم خير الرجال وداره … بيثرب مأوى كل أبيض خضرم
وكان الزهري يقول: كنيته «أبو عمرو». وكان خليفة رسول الله ﷺ على المدينة أيضا أبا لبابة.
[٦٧٩ - ثم غزاة قرقرة الكدر.]
وبعضهم يقول:«قرارة». والأول أثبت.
وكان في المحرم سنة ثلاث. وكان سببها أنه بلغ رسول الله ﷺ أن بها جمعا من غطفان وبني سليم. فسار إليهم، فتفرقوا. ولم يلق كيدا، ووجد لهم نعما مع رعاتها. ويقال إنه وجد نعما وشاء. وكانت النعم خمس مائة بعير.
وقسم ذلك بين المسلمين. وكان خليفة رسول الله ﷺ على المدينة ابن أم مكتوم.