وهي أكبر بنات رسول الله ﷺ، تزوجها أبو العاص بن الربيع وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد ابن أسد. وكان أبو العاص يلقب جرو البطحاء، أي ابن البطحاء. وبعضهم يقول: اسمه القاسم، والثبت أن اسمه لقيط. وكان تزوجه إياها قبل الإسلام.
فلما أكرم الله نبيه بالرسالة، آمنت به خديجة وبناته وصدقنه (١). وثبت أبو العاص على دين قريش. وكان من معدودي رجال مكة مالا، وأمانة، وتجارة. فمشت إليه وجوه قريش، فقالوا: اردد على محمد ابنته، ونحن نزوجك أية امرأة أحببت من قريش. فقال: لا، ها الله، إذا لا أفارق صاحبتي، فإنها خير صاحبة. ولما سارت قريش إلى بدر، كان معهم. فأسر في المعركة.
فلما بعث أهل مكة في فداء أسرائهم، بعثت زينب في فداء أبي العاص بمال.
وبعثت معه بقلادة لها كانت خديجة رضي الله تعالى عنها وهبتها لها حين أدخلتها على أبي العاص. فلما رآها رسول الله ﷺ، عرفها، فرق لها رقة شديدة وقال للمسلمين: إن رأيتم أن تردوا قلادة زينب ومالها عليها وتطلقوا أسيرها، فافعلوا. فقالوا: نعم، ونعمة عين يا رسول الله. فأطلقه رسول الله ﷺ بعد أن اشترط عليه أن يبعث بزينب إليه. وتوثق منه، ووجه زيد بن حارثة الكلبي مولاه في عدة من الأنصار إلى بطن يأجج، وأمرهم بالمقام هناك إلى أن توافيهم زينب فيصاحبونها حتى يقدموا بها المدينة. وذلك بعد بدر بشهر. وأمر أبو العاص زينب بالتهيؤ. فلما تجهزت، بعث بها مع كنانة ابن عدي بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف، وهو ابن عمه.
ويقال: بل بعث بها مع عدي بن ربيعة. فاعترضها رجال من قريش بذي طوي. فبدر إليها هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، ونافع ابن عبد قيس بن لقيط بن عامر الفهري، وهو أبو «عقبة بن نافع»، صاحب المغرب. فأهوى إليها هبار بالرمح، فأفزعها، وكانت حاملا فألقت ما في بطنها بعد أيام. وفوق كنانة، أو عدي، سهما وكان راميا. فقال له أبو سفيان ابن حرب، وكان في القوم: اكفف بذلك عنا، فإنا والله ما نمنعها من المسير