إلى بلاد قومه، وحمل فاطمة وزيدا ابنها معه. وتخلف زهرة بمكة.
فسمي زيد قصيا لبعده من دار قومه، وأنه أقصي عنهم. وولدت فاطمة لربيعة ابن حرام: رزاح بن ربيعة، وحن بن ربيعة. فهما أخوا قصي لأمه. ويقال إن أخا قصي لأمه منهما رزاح بن ربيعة، وإن حن بن ربيعة من امرأة سوى فاطمة. وإن قصيا خرج من بلاد عذرة حتى أتى مكة.
١٠١ - حدثني عباس بن هشام، عن أبيه، عن جده، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال:
لما بلغ قصي، جهزته أمه وزينته. فخرج مع حجاج عذرة، حتى أتى مكة.
فعرفت له قريش قدره وفضله، وأعظمته حتى أقرت له بالرئاسة والسؤدد.
وكان أبعدها رأيا، وأصدقها لهجة، وأوسعها بذلا، وأبينها عفافا. وكان أول مال أصابه مال رجل قدم مكة بأدم كثير، فباعه. وحضرته الوفاة، ولا وارث له. فوهبه له، ودفعه إليه. وكانت خزاعة مستولية على الأبطح والبيت، وكانت قريش تحل الشعاب والجبال وأطراف مكة وما حولها. فخطب قصي إلى حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة، وهو لحي، ابنته حبي بنت حليل. فزوجه إياها. وكان حليل يتولى أمر البيت، ويتقلد رئاسة خزاعة يومئذ. فلما كبر وضعف، دفع مفاتيح الكعبة إلى ابنته حبي.
فكانت تأمر قصيا بفتحها مرة، وتأمر أخاها المخترش- وهو أبو غبشان بن حليل- بذلك أخرى. ثم مات حليل، وصارت الرئاسة إلى ابنه المخترش.
فسأل قصي أن يجعل سدانة البيت إليه، ففعل. قال هشام: ويقال إن حليل ابن حبشية أوصى لقصي بسدانة البيت إكراما لأبنته بذلك. ويقال إن قصيا (١) سأل المخترش أن يجعل إليه السدانة، وبذل له ناقة كانت له ناجية، وزاده زق خمر. فصيرها إليه. وأن المخترش كان مضعوفا.
١٠٢ - قالوا: ولما أخذ قصي مفاتيح الكعبة إليه، أنكرت خزاعة ذلك، وكثر كلامها فيه. وأجمعوا على محاربة قصي وقريش، وطردهم من مكة وما والاها.