بذي أمر، بنجد. وكانت في شهر ربيع الأول سنة ثلاث. وكان سببها أن جمعا من بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض ابن ريث بن غطفان، وبني محارب بن خصفة بن قيس تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف رسول الله ﷺ. وكان الذى جمعهم دعثور ابن الحارث المحاربي. وبلغ رسول الله ﷺ خبرهم، فخرج في أربع مائة وخمسين. وصار إلى ذي القصة، فلقي بها رجلا من بني ثعلبة. فقال له المسلمون: أين تريد؟ فقال: أريد يثرب لأرتاد لنفسي وأنظر. فدعاه رسول الله ﷺ إلى الإسلام. فأسلم، وأخبر أن المشركين تجمعوا. فلما بلغوا خبره، هربوا إلى رءوس الجبال. وكان اسم الرجل جبارا. ولم يلق رسول الله ﷺ في هذه الغزاة كيدا. قالوا: ونظر دعثور إلى رسول الله ﷺ مضطجعا تحت شجرة. فأقبل ومعه سيفه، فقال:
من يمنعك مني اليوم؟ قال: الله. ودفع جبريل في صدره، فوقع السيف من يده. فأخذه رسول الله ﷺ وقال: من يمنعك مني اليوم، يا دعثور؟ فقال: لا أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد (ا) رسول الله، والله لا أكثر عليك جمعا أبدا. فأعطاه رسول الله ﷺ سيفه. فمضى إلى أصحابه، فدعاهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما رأى. وفيه نزلت الآية: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم)، الآية (١). وكانت غيبة النبي ﷺ عن المدينة إحدى عشرة ليلة. واستخلف عليها عثمان بن عفان ﵁.
٦٨١ - ثم غزاة بني سليم بن منصور ببحران،
وهي ناحية الفرع، في جمادى الأولى سنة ثلاث. وكان سببها أن جمعا من بني سليم تجمعوا ببحران، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ. فخرج في ثلاث مائة من المسلمين، ولم يذكر أين يريد؟ فلما صار ببحران، وجدهم قد تفرقوا ورجعوا إلى مياههم.
فانصرف ولم يلق كيدا. وكانت غيبته عشر ليال. واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وهو عمرو بن قيس، أحد بني عامر بن لؤي. وأمه عاتكة مخزومية.