طلحة بن عبيد الله إذا سئل عن تلك القبور المجتمعة بأحد، يقول: قبور قوم من الأعراب كانوا على عهد عمر بن الخطاب في عام الرمادة هناك، فماتوا، فتلك قبورهم. قال: وكان ابن أبي ذئب، وعبد العزيز بن محمد يقولان:
لا نعرف تلك القبور المجتمعة، إنما هي قبور ناس من أهل البادية.
٧٢١ - وكان معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، الذي جدع أنف حمزة ومثل به فيمن مثل، قد انهزم يوم أحد فمضى على وجهه، فبات قريبا من المدينة.
فلما أصبح، دخل المدينة، فأتى منزل عثمان بن عفان بن أبي العاص فضرب بابه، فقالت له امرأته أم كلثوم بنت رسول الله ﷺ: ليس هو هاهنا.
فقال: ابعثي إليه، فإن له عندي ثمن بعير ابتعته عام أول وقد جئته به.
فأرسلت إليه وهو عند رسول الله ﷺ. فلما جاء، قال لمعاوية:
أهلكتني ونفسك، ما جاء بك؟ قال: يا ابن عم، لم يكن أحد أقرب إلي ولا أمس رحما بي منك، فجئتك لتجيرني. فأدخله عثمان داره، وصيره في ناحية منها، ثم خرج إلى النبي ﷺ ليأخذ له منه أمانا. فسمع رسول الله ﷺ يقول:«إن معاوية بالمدينة وقد أصبح بها، فاطلبوه». فقال بعضهم: ما كان ليعدو منزل عثمان، فاطلبوه فيه. فدخل منزل عثمان، فأشارت أم كلثوم إلى الموضع الذي صيره عثمان فيه. فاستخرجوه من تحت حمارة (١) لهم، فانطلقوا به إلى النبي ﷺ. فقال عثمان حين رآه، والذي بعثك بالحق، ما جئت إلا لأطلب له الأمان منك، فهبه لي.
فوهبه له، وأجله ثلاثا وأقسم: لئن وجد بعدها بشيء من أرض المدينة وما حولها، ليقتلن. وخرج عثمان، فجهزه واشترى له بعيرا، ثم قال له: ارتحل. وصار رسول الله ﷺ إلى حمراء الأسد، وأقام معاوية إلى اليوم الثالث ليتعرف أخبار النبي ﷺ ويأتي بها قريشا. فلما كان في اليوم الرابع، قال رسول الله ﷺ: أن معاوية أصبح قريبا لم ينقذ، فاطلبوه، واقتلوه. فأصابوه قد أخطأ الطريق، فأدركوه. وكان اللذان أسرعا في طلبه زيد بن حارثة مولى رسول الله ﷺ، وعمار بن ياسر، فأخذاه بالجماء. فضربه زيد بن حارثة. وقال عمار: إن لي فيه حقا. ورماه