ثلاث وكان سببها أن أبا سفيان قدم بعير قريش، فوقفها في دار الندوة.
فلما رجع المشركون من بدر إلى مكة، مشت أشراف قريش إلى أبى سفيان ابن حرب: الأسود بن المطلب بن أسد، وجبير بن مطعم، وصفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل بن هشام، والحارث بن هشام، وعبد الله بن أبي ربيعة، وحويطب بن عبد العزى، وحجير بن أبي إهاب، فقالوا: يا با سفيان، احتبس هذه العير فإنها أموال أهل مكة، وهم طيبو الأنفس بأن يجهزوا بما فيها جيشا كثيفا إلى محمد، فقد ترى من قتل من أبنائنا وعشائرنا. ويقال:
بل مشى أبو سفيان إلى هؤلاء الذين سمينا، وغيرهم. فدعاهم إلى توجيه جيش إلى رسول الله ﷺ بأثمان ما في العير. فباعوا ما كان فيها بذهب العين، وتجهزوا به. وقال بعضهم: إنهم تجهزوا بأرباح ما فيها. وكانوا يربحون للدينار دينارا. وبعثوا إلى أربعة نفر من قريش- وهم عمرو بن العاص، وهبيرة ابن أبي وهب المخزومي، وابن الزبعرى، وأبو عزة الجمحي واسمه عمرو بن عبد الله- فساروا في العرب يستنجدونهم ويستنصرونهم على رسول الله ﷺ. وكان أبو عزة كنانيا، امتنع من النفوذ لما وجهوه له، وقال: إن بلاء محمد عندي حسن: أطلقني يوم بدر بلا فداء. فلم يزالوا به حتى خرج، وهو يقول (١):
أيا بني عبد مناة الرزام … أنتم حماة وأبوكم حام
لا تسلمونى لا يحل إسلام … لا تعدونى نصركم بعد العام
وخرج النفر، فجمعوا جمعا من ثقيف وكنانة وغيرهم، وتوجه المشركون إلى المدينة وخرجوا معهم بالظعن. فأخرج أبو سفيان بن حرب هند بنت عتبة أم معاوية، وأميمة بنت سعيد بن وهب بن أشيم الكنانية امرأته. وأخرج صفوان بن أمية بن خلف الجمحي برزة بنت مسعود الثقفي، وهي أم عبد الله ابن صفوان الأكبر، والبغوم بنت المعذل الكنانية، وهي أم عبد الله بن صفوان الأصغر. وخرج طلحة بن أبي طلحة العبدري بامرأته سلافة بنت سعد بن شهيد
(١) ابن هشام، ص ٥٥٦، مصعب، ص ٣٩٨، وزاد في أوله: «أنتم بنو الحارث والناس الهام».