للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له بما يرصد به. ولم يلبث عمارة حين دخل أرض النجاشي، أن دب لامرأة النجاشي، فاختلف إليها. ويقال: إنها رأته فعشقته، وكان جميلا، فدعته. فجعل يختلف إليها. وكان يحدث عمرا بما يجري بينهما. فكان عمرو يظهر تكذيبه ليمحكه بذلك. فقال له ذات ليلة: إن كنت صادقا، فائتني بدهن من دهن النجاشي الذي لا يدهن به غيره، فإني أعرفه. وكان أصفر. فأعطته قارورة منه، وثوبا أصفر من ثيابه. فجاء بذلك إلى عمرو. وكانا ينزلان في دار واحدة. فقال له عمرو: لقد نلت ما لم ينله قرشي قبلك. وأخذ الدهن والثوب إليه. فلما أصبح، أتى النجاشى بذلك وحدثه الحديث. فقال:

إن النجاشي أخذه، فقطعه آرابا ثم أحرقه، وأخذ امرأته فدفنها وهي حية.

ويزعمون: أن النجاشي دعا بالسواحر، فسحرنه، فكان يهيم، ثم إنه مات على تلك الحال. ويقال: إنه لما فعلن به ذلك هام فكان مع الوحش، وخرج عبد الله بن أبي ربيعة في طلبه، وكان اسمه بحير فسماه النبي «عبد الله»، فدل على مواضعه ومظانه، فالتزمه فجعل يقول له: تنح عني يا بحير، ومات في يده. وكان عمارة يكنى أبا فائد. وقال عمرو ابن العاص (١):

تعلم عمار إن من شرشيمة … لمثلك أن يدعا ابن عم له ابنما

إذا كنت ذا بردين أحوى مرجلا … فلست براء لابن عمك محرما

إذا ما المرء لم يترك طعاما يحبه … ولم ينه قلبا غاويا حيث يمما

قضى وطرا منها يسيرا وأصبحت … إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما

وليس الفتى وإن أتمت عروقه … بذي كرم إلا إذا ما تكرما

٥٥٧ - قالوا: ومكث بنو عبد المطلب وبنو المطلب في شعب أبي طالب ثلاث سنين.


(١) الأغانى للأصبهانى، ٨/ ٥٣، مصعب ص ٣٢٢ (البيت الثانى فحسب)، إنسان العيون للحلبى، ٢/ ٢٧ (البيت الثالث والرابع). وعندهم اختلافات الرواية. (خ في الرابع: «منه»، «أمثاله». لعله كما أثبتناه).

<<  <  ج: ص:  >  >>