للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخرجوا بالجيش يتعاذفون بالحرام بطرا ورياء للناس، كما قال (١).

ونجا أبو سفيان وأصحابه، فبعث إلى قريش من الجحفة يعلمهم سلامته بما معه، وأنه لا حاجة بهم إلى التعرض لمحمد وأهل يثرب. فأبوا وقالوا: والله لا نطلب أثرا بعد عين، ولندعن محمدا وصبأته لا يعودون إلى التعرض لأموالنا وتجاراتنا بعدها. وكان أبو جهل يشحذهم، ويحرضهم، ويزعجهم للخروج. وامتنع أمية بن خلف الجمحي من الخروج إلى بدر، فأتاه أبو جهل وعقبة بن أبي معيط ومع أبي جهل، مكحل، ومع عقبة، مجمر- فقال له أبو جهل:

اكتحل فإنما أنت امرأة. وقال له عقبة: تجمر فإنما أنت جارية في أريكة.

وقال عتبة بن ربيعة، وكره الخروج، لأخيه شيبة بن ربيعة: أن ابن الحنظلية (٢) - يعنى أبا جهل بن هشام- رجل مشئوم، وليس يمسه من قرابة محمد ما يمسنا.

فقال له شيبة: إن فارقنا قريش ورجعنا كان ذلك علينا سبة، يا با الوليد وامض مع قومنا (٣). قالوا: وقال أبي بن شريق الثقفي، حليف بني زهرة: يا بني زهرة إن الله قد سلم عيركم، فارجعوا واعصبوا جبنها بي. فلما كان المساء، نزل عن بعيره، وقال لأصحابه: قولوا إنه قد نهش أبي. وخنس بهم راجعا، فسمى «الأخنس». ولم يشهد بدرا من كفار بني زهرة أحد. وفي ذلك يقول عدي ابن أبي الزغباء (٤):

أقم لها صدورها يا بسبس … إن مطايا القوم لا تحبس

واحملها على الطريق أكيس … قد صنع الله وفر الأخنس

قالوا: وعدى بنو عدي بن كعب منصرفين إلى مكة، فلقيهم أبو سفيان ابن حرب فقال: كيف رجعتم، فلا أنتم في العير ولا في النفير؟ فلم يشهد بدرا منهم أحد. قال الواقدي: وقال عمر بن الخطاب: يا بني عدي فيكم خصال:

لم يشهد بدرا منكم أحد، ولم تفتح مكة ومنكم مشرك. وكان رجوع بني عدي من ثنية لفت.


(١) القرآن، الأنفال (٨/ ٤٧).
(٢) لأن أم أبى جهل من بنى حنظلة، من تميم (راجع ابن هشام، ص ٤٤١).
(٣) خ: فاتى الوليد وامض مع قومها. (لعله كما أثبتناه. وأبو الوليد كنية عتبة بن ربيعة).
(٤) ابن هشام، ص ٤٥٧ - ٤٥٨ مع زيادات واختلافات.

<<  <  ج: ص:  >  >>