للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٣٢ - وكانت طلائع المشركين تطيف بالمسلمين رجاء أن يصيبوا منهم غرة.

فربما تراموا بالنبل والحجارة. واجتمع المشركون يوما، فالتمسوا أن يهجموا خيلهم على المسلمين. فأكرهت جماعة منهم خيلهم، فعبرت الخندق. وكان فيهم عمرو بن عبد ود بن أبي قيس، من بني عامر بن لؤي، فبارزه علي فقتله. ويقال إنه جرح عليا على رأسه. ويقال إن عليا لم يجرح قط. ونجا أصحاب عمرو إلا رجلا سقط في الخندق لتكسر، ورماه المسلمون حتى مات. ثم غدا المشركون في اليوم الثاني جميعا لم يتخلف منهم أحد، فقاتلهم المسلمون من وراء الخندق. ثم إن الله نصر المسلمين عليهم بالريح، وكانت ريحا صفراء فملأت عيونهم، فقد أخلهم الفشل والوهن. وانهزم المشركون وانصرفوا إلى معسكرهم. ودامت الريح عليهم، وغشيتهم الملائكة تطمس أيضا أبصارهم. وكان نعيم بن مسعود الأشجعي خرج من المشركين، فأسلم وجعل يخذل المشركين ويسعى بينهم بما فيه تفريق كلمتهم وألفتهم وصدع شعبهم.

فبلغ من ذلك ما التمس بعون الله وتوفيقه، وألقى الله بينهم الاختلاف. وقالت غطفان وسليم: والله لمحمد أحب إلينا وأولى بنا من يهود، فما بالنا (١) نؤذيه وأنفسنا؟ وكانت تلك السنة سنة مجدبة. فجهدوا، وأضر مقامهم بكراعهم.

فانصرفوا وانصرف الناس. ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال (٢). وكان حصار المسلمين في الخندق خمسة عشر يوما.

وكان خليفة رسول الله في غزاة الخندق ابن أم مكتوم.

وحدثنا أبو عبيد (٣)، ثنا عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن عقيل، عن الزهري قال:

كانت وقعة الأحزاب بعد أحد بسنتين، وذلك يوم حفر الخندق.

ورئيس الكفار يومئذ أبو سفيان بن حرب. فحاصروا رسول الله بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى المسلمين الكرب. فقال رسول الله ، كما أخبرني سعيد بن المسيب: «اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك،


(١) خ: نالنا.
(٢) القرآن، الأحزاب (٣٣/ ٢٥).
(٣) كتاب الأموال ٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>