الذين «يمشون على الأرض هونا (١)». فتبع المغيرة ذات يوم، وكان متقنعا بثوبه، فدخل دار أم جميل. ودخل أبو بكرة دارا إلى جانبها، وصعد سطحها فيها مشرفا على الدار، فرآها وقد التزمته ولثمته. فقال: سيجيء بعد هذا ما هو أعظم منه. فأقبل راجعا، فدعى شبل بن معبد البجلي حليف ثقيف، ونافع بن الحارث أخاه، وزياد بن عبيد. فأقبلوا أربعتهم حتى أشرفوا على المغيرة وهو فوق أم جميل ينكحها. فجعل أبو بكرة يقول لأصحابه: أثبتم، أثبتم؟ قالوا:
نعم. حتى كان فيما رأوا أثرا من الجدري بفخذها. ثم إن المغيرة اغتسل وخرج من عندها. فأتاه أبو بكرة، فقال: يا مغيرة اجتنب مصلانا، فإنك نجس.
فقال: لا، ولا نعمة عين. قال: فرحل أبو بكرة حتى أتى المدينة. فلما رآه عمر، قال: اللهم إني أسألك خير ما جاء به، وأعوذ بك من شر ما جاء به، ما وراءك؟ قال: أخبرك أن المغيرة بن شعبة زان. فقال عمر: ويحك ما تقول؟
قال: نعم يا أمير المؤمنين، هو زان. فقال: أنت رأيته يزني؟ قال: نعم، ورأى معي نافع بن الحارث، وشبل بن معبد، وزياد بن عبيد مولى ثقيف.
فبعث عمر إلى أبي موسى الأشعري، فولاه البصرة، ووجه معه أنس بن مالك وأخاه البراء بن مالك، وعمران بن الحصين أبا نجيد الخزاعي. وكتب إلى المغيرة في القدوم عليه. وأمر أبا موسى إذا قدم البصرة أن لا يحل عقده حتى يشخصه إليه ومن شهد عليه. فسار أبو موسى حتى قدم البصرة، فلم يحل رحاله ثلاثا لوصية عمر، حتى أشخص المغيرة والشهود. فلما قدموا على عمر، اجتمع الناس. وتقدم أبو بكرة، وأقيم المغيرة. فقال عمر لأبى بكرة: بماذا تشهد يا با بكرة؟ فقال: أشهد أني رأيته وذكره يدخل في فرجها كالمرود في المكحلة.
فقال عمر: ذهب ربع المغيرة. ثم تقدم نافع بن الحارث بن كلدة، فشهد بمثل ما شهد به أبو بكرة. فقال عمر: ذهب نصف المغيرة. ثم تقدم شبل بن معبد فشهد كمثل ما شهدا به. فقال عمر: ذهب ثلاثة أرباع المغيرة. ثم تقدم زياد، وكان شابا طريرا جميلا. فلما نظر إليه عمر، قال: والله إني لأرى وجها خليقا أن لا يخزي عليه اليوم رجل من أصحاب محمد، إيه، بما تشهد؟ قال: أشهد أنى