للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حتى جيء به من بيت ميمونة، فحمل بين أربعة. فقال:

يا عائشة، أرسلي إلى النسوة، فلما جئن قال: لا أستطيع أن أختلف بينكن، فأذنن (١) لي فأكون في بيت عائشة. قلن: نعم يا رسول الله. ورأيناه يوما يجمر وجهه ويعرق جبينه، ولم أكن رأيت قط ميتا قبله. ثم قال: أقعديني، فأسندته إلي ووضعت يدي عليه، فقلب رأسه فوقعت يدي عنه. ووقعت من فيه نطفة باردة على صدري- أو قالت: على ترقوتي- فسقط على الفراش. فسجيناه بثوب. وجاء عمر، فاستأذن، ومعه المغيرة بن شعبة، فأذنت لهما ومددت الحجاب. فقال عمر: يا رسول الله. فقلت: غشي عليه منذ ساعة. فكشف عن وجهه، وقال: واغشياه ما أشد غشي رسول الله. ثم غطاه ولم يتكلم المغيرة.

فلما أن بلغ إلى عتبة الباب، قال: مات رسول الله يا عمر.

قال عمر: كذبت، ما مات رسول الله، ولا يموت حتى يؤمر بقتال المنافقين، بل أنت امرؤ تحوسك الفتنة. وجاء أبو بكر، فقال: ما لرسول الله؟ قلت:

غشي عليه منذ ساعة. فكشف عن وجهه ووضع فمه بين عينيه ووضع يده على صدغيه ثم قال: وانبياه، واخليلاه، واصفياه، صدق الله ورسوله، قال الله ﷿: إنك ميت وإنهم ميتون (٢)، وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون (٣)، كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون (٤)، وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين (٥).

قال عمر: «أفي كتاب الله هذا، يا با بكر؟» قال: نعم. ثم قال عمر:

هذا صاحب رسول الله في الغار وثاني اثنين، فبايعوه. فحينئذ بايعوه.


(١) خ: فاذنى.
(٢) القرآن، الزمر (٣٩/ ٣٠).
(٣) القرآن، الأنبياء (٢١/ ٣٤).
(٤) القرآن، العنكبوت (٢٩/ ٥٧).
(٥) القرآن، آل عمران (٤٣/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>